دنيا و دين و مع الإحترام و المشاعر

بتاريخ :الجمعة 10 سبتمبر 2021

الناشر :انعام   عدد المشاهدات : 251 مشاهدات

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

إن حب البشر دون احترام يعني اعتبارهم حيوانات مفضلة، وإطعامهم دون حب يعني معاملتهم كحيوانات حقيرة، وإن احترام الذات واحترام العقل واحترام الفكر الحر يدعونا إلى الصدق مع أنفسنا والبعد عن خداعها بكبرياء وجحود، ويمكن للإنسان أن يدخل قلوب الآخرين دون أن ينطق بكلمه واحدة، إذ يكفيه سلوكه الناطق بالصفات الكريمة والأخلاق الحميدة، وعندما لا تشعر بمن حولك ممن جرحتهم ولا تهتم بأحاسيسهم ولا تبالي بمشاعرهم، اعلم أنك فاقد بعض الأدب والأخلاق والاحترام، فلا تحاول أن تبحث عن الوجه الثاني من أي شخص حتى لو كنت متأكد أنه سيء، يكفي أنه احترمك، وأظهر لك الجانب الأفضل منه، وإن لكل إنسان باطنا وظاهرا، وسريرة وعلانية. 

فالباطن ما كتم وأَسر، والظاهر ما أبدى وأظهر والله سبحانه وتعالى يعلم السر والجهر، وما أخفى العبد وأظهر فليس شيء في القلوب يخفى على علام الغيوب، فيقول تعالى فى سورة طه "وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى" ويقول تعالى فى سورة النحل " والله يعلم ما تسرون وما تعلنون" ويقول ابن تيمية رحمه الله تعالى "إن الظاهر لا بد له من باطن يحققه ويصدقه ويوافقه" وإن الأصل في المؤمن الصادق أن تستوي سريرته وعلانيته، وظاهره وباطنه، كما قال يزيد بن الحارث "إذا استوت سريرة العبد وعلانيته فذلك النصف، وإن كانت سريرته أفضل من علانيته فذلك الفضل، وإن كانت علانيته أفضل من سريرته فذلك الجور" 

والإسلام حرص كل الحرص على صلاح الظاهر ليبدو المجتمع مجتمعا طاهرا نقيا نظيفا طيبا، ولكنه أيضا اهتم أكثر بنقاء الباطن وجعل عليه المعول، فغالبا ما يكون صفاء الباطن داعيا ومؤديا إلى صلاح الظاهر فالارتباط بينهما لازم، فيقول شيخ الإسلام "الأمور الباطنة والظاهرة بينهما ارتباط ومناسبة فإن ما يقوم بالقلب من الشعور والحال يوجب أمورا ظاهرة، وما يقوم بالظاهر من سائر الأعمال يوجب للقلب شعورا وأحوالا" وقال مالك بن دينار"القلوب كالقدور، والألسنة مغارفها، فإذا تكلم العبد فاسمع ما يقول فإنما يغترف لك لسانه من قلبه" وهذا المعنى أخذه مالك من الحديث الذي صح عن النبي صلى الله عليه وسلم "لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه" 

وإن صلاح الظاهر يقوم على أمرين رئيسين، هما حسن الخلق، وهو يشمل كل خلق حسن، وأثر محمود، في تعامله مع كل من حوله من الناس أو حتى من الحيوان، وأيضا صلاح العمل وهو السعي في الأرض بالصلاح والإصلاح، وأداء الحق الظاهر لله ولعباده، والأمر بالمعروف وتكثيره، والنهي عن المنكر وتقليله، فيدخل في ذلك جميع العبادات الظاهرة، والأعمال الصالحة، والتصرفات المشروعة، والأفعال المحمودة، وصلاح الباطن يكون بصفاء القلب ونقائه، ونظافته وطهارته من كل ما يعيب في النية أو الاعتقاد، أو فيما يبطنه الإنسان من سريرة، أو يكون في قلبه من مرض أو حسد أو ضغن، وإن الإنسان ليس في حاجة إلى أن يكون غنيا أو ناجحا. 

أو ذا نفوذ لكي يُعامل باحترام فديننا وإسلامنا وعقيدتنا وقيمنا كلها تدعو لاحترام الذات، ولقد اقتنعت أكثر من أي وقت مضى بحقيقة أن السيف لم يكن هو من فاز بالمكانة للاسلام في تلك الأيام، بل كانت البساطة والاحترام الدقيق للعهود، وإن العالم أحوج ما يكون إلى رجل في تفكير رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا النبي الذي وضع دينه دائما موضع الاحترام والإجلال فإنه أقوى دين خالد خلود الأبد، فإن لدينا مشكلات كثيرة عالقة لا تحل إلا عن طريق الاعتذار والاحترام المتبادل، وإن من طبيعة الأشخاص المحترمين أنهم يمنحون الاحترام لمن يستحقه ولمن لا يستحقه، فالإنسان بأخلاقه وصفاته وتعامله مع الآخرين يفرض على من يقابله أن يحترمه ويوقره.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية