الدكرورى يكتب عن الإبتلاء والمواساة " جزء 10 "

بتاريخ :الثلاثاء 21 سبتمبر 2021

الناشر :كرم حجازى   عدد المشاهدات : 98 مشاهدات

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء العاشر مع الإبتلاء والمواساة، ومن الصدقات الواجبة أيضا هو الهدي بالنسبة للقارن والمتمتع بالحج والعمرة، ومنها أيضا النذور، وهناك صدقات واجبة غير ذلك، والهدف من هذا كله هو طاعة الله تعالى، والتوسعة على الفقراء والمحتاجين، وإن الله عز وجل يبتلى عباده تارة بالسراء والأمور المفرحة من أنواع النعم وصنوف المباهج وألوان الملذات، ويبتليهم تبارك وتعالى تارة بالمصائب والبلايا والرزايا والمحن، وكل ذلك ابتلاء، فالمنعم عليه بأنواع النعم مُبتلى، والمصاب بأنواع المصائب مبتلى والمؤمن في نوعي الابتلاء صائر إلى خير ومُقدم إلى خير، وهاهنا يعجب نبينا صلوات الله وسلامه عليه كما جاء في حديث صهيب بن سنان.

وهو في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، ولا يكون ذلك لأحد إلا للمؤمن " نعم لا يكون ذلك لأحد إلا للمؤمن لأن المؤمن إذا أصابه الله تبارك وتعالى بسراء أي بأمر يسره ويفرحه ويسعده، يعلم أن ذلك نعمة من الله وفضل ومنة فيشكر الله تبارك وتعالى ويحمده سبحانه فيفوز في هذا المقام بأجر الشاكرين الحامدين، وإذا ابتلي المؤمن في هذه الحياة بضراء أي بأمر أضر به وأرقه وأحزنه وأقلقه وآلمه فإنه يعلم أن ما أصابه فإنما هو بإذن الله، وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه فيعلم أن ما أصابه من عند الله فيرضى ويسلم ويصبر.

فيفوز هنا بأجر الصابرين، فالمؤمن في سرائه وضرائه فائز أما في سرائه فهو فائز بثواب الشاكرين وأما في ضرائه فهو فائز بثواب الصابرين، أما من لم يكن على الإيمان السديد والطاعة للرب الحميد سبحانه فإنه في سرائة لا يعرف نعمة الله عليه، بل يجحدها، كما قال الله عز وجل عن أمثال هؤلاء فى سورة النحل " يعرفون نعمت الله ثم ينكرونها" فإذا أغدق الله عليه العطايا ووالى عليه المنن والهبات قال جاحدا لنعمة ربه كما جاء فى سورة القصص " إنما أوتيته على علم عندى" أو قال إنما ورثته كابرا عن كابر، أو قال إنما حصلت عليه بعرق جبيني وجدارتى وحذقي ومهارتي، ونحو ذلك من الألفاظ التي تدل على رقة الدين وضعف الإيمان.

ثم إن الله تعالى إذا ابتلاه بأنواع من المصائب والرزايا تسخط وجزع وشكا الله تبارك وتعالى إلى عباده فيكون خاسرا في حالتيه الاثنتين، في ابتلائه بالسراء وابتلائه بالضراء، ولهذا علينا أن نحقق ما يكون به فوزنا في سرائنا وضرائنا، ففي السراء نكون شاكرين وفي الضراء نكون صابرين فننال الخير كله ونفوز بسعادة الدنيا والآخرة، وإن الله عز وجل يبتلى عباده بالسراء ليميز الشاكر من الكافر، فإنه تبارك وتعالى يبتلى عباده كذلك بالضراء ليميز الجازع من الصابر ولهذا يقول الله تبارك وتعالى فى سورة البقرة " ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونفص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون"

وتأمل أيها المؤمن في هذا المقام، مقام الابتلاء بالضراء أن مفزع المؤمن وملجأه في هذا المقام هو الله عز وجل وخير ما يقال في هذا المقام " إنا لله وإنا إليه راجعون" فقد جعل الله تبارك وتعالى هذه الكلمة العظيمة سلوة للمبتلين ومرجعا للممتحنين، فهم يسلون بقراءتها ويزول قلقهم وألمهم عند تأملها وتدبرها وهذه الكلمة إذا تأملها العبد فهي تعني أمرين اثنين الأول منهما أن الكل عبد لله وأننا مماليك لله، والله جل وعلا يتصرف في ملكه كيف يشاء ويقضي فيه سبحانه وتعالى بما يريد، والأمر الثاني أن مرجع الجميع إلى الله، فإذا علمت من خلال هذه الكلمة أنك لله عبد وأنك إليه راجع فتذكر أنك موقوف بين يدي الله، وإذا استيقنت أنك موقوف بين يدي الله فاعلم أن الله عز وجل سائلك.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية