مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 191 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إنه حق من الحقوق الإسلامية، أوجبه الله تعالى على عباده إكراما لصاحب الحق، واعترافا بجميله وإحسانه، فرفع الله من شأنه، وأعلى من قدره، وقرنه بالأمر بعبادته وشكره ذلكم هو حق الوالدين، وما أدراكما الوالدان، حقوقهما في الإسلام محفوظة، ومكانتهما عند الله عظيمة، فإن للوالدين في الإسلام منزلة هامة وعالية، قرنها الله تعالى في كتابه الكريم مع عبادته فقال تعالى " وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" وتتنوع هذه الحقوق لتغطي حاجة الوالدين، حتى يصل الولد الى كمال بر الوالدين، من التحدث إليهما باللين والكلام الحسن حيث إن خير من تحدث معه الابن وصحبه المسلم هم والديه، والحديث معهما يشعرهما بأهميتهما، مثل أن يطلب الولد رأي والديه في بعض المسائل، فهذا يشعر الوالدين أن أقوالهم لها قيمة.
وكذلك طاعتهما بالمعروف حيث إن العلاقة بين الوالدين والأبناء لا يمكن أن تتم بدون وجود الطاعة من الأبناء للآباء، وطاعة الوالدين في كل معروف يقدر عليه تكون واجبة على الابن، بشرط أن لا يلحقه بسبب ذلك مشقة كبيرة، وعلى الابن أن يبذل جهده في طاعة والديه قدر استطاعته، وعليه ألا يرفض طاعتهما إلا إذا أمراه بالكفر بالله تعالى، حيث يقول تعالى " ووصينا الإنسان بوالدية حسنا وإن جاهداك لتشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما" أو كذلك أيضا أمراه بالمعاصي عندها لا طاعة للوالدين، وإن من الحقوق أيضا هو الإنفاق عليهما فعلى الابن أن ينفق على والديه في حالتين وهما إن قدر الله تعالى عليهما الفقر والحاجة، مع عجز الأب عن العمل والكسب، فهنا تصبح نفقة الأب واجبة على الابن، فينفق على والديه بالمعروف بما يغنيهما عن سؤال الناس.
وتكون في حدود استطاعته، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم" إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أولادكم من كسبكم" وأما إن إن كان الأب ميسور الحال وغير محتاج، فلا تجب عليه نفقة، لكن حسن الرعاية والإنفاق على الوالدين تعتبر إكراما للوالدين، بحسن رعايتهما والإنفاق عليها من باب كمال البر، وكذلك أيضا مصاحبتهما في الدنيا وإن كانا مشركين ومصاحبة الوالدين تكون بطول مجالستهما، والحديث معهما، وإدخال السرور إلى قلبهما، وقد شدد القرآن على أهمية هذا الخلق حتى لو اختلف الدين بينهما، فقد قال الله عز وجل " وإن جاهداك علي أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون" وإن من الحقوق هو عدم الإساءة إليهما فقد حرم الإسلام الإساءة للوالدين بالقول أو بالفعل.
وحتى بالنظر فإنه يحرم على الابن أن يُحد النظر لوالديه كالمقرع لهما، وأيضا شتم الوالدين من الكبائر، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم " من الكبائر شتم الرجل والديه قالوا يا رسول الله، وهل يشتم الرجل والديه؟ قال نعم يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه" وكذلك تقديم بر الأم على بر الأب إن الأم رقيقة القلب من طبعها المداراة ولو على حق نفسها، فالأم قد تفرط بحقها لأجل أبنائها، لذا تجد أن الإسلام قد قدم بر الأم على بر الأب، لما تختض به من تحمل المشاق، قال صلى الله عليه وسلم " إن الله يوصيكم بأمهاتكم ثلاثا إن الله يوصيكم بآبائكم" فالقيام بحقوق الأم المالية والصحية، والاجتماعية يقدم على حقوق الأب، وكذلك توقيرهما والتذلل لهما حيث إن المسلم مطالب بإظهار العزة إلا عند والديه، فإن الأصل أن يظهر لهما التذلل بالكلام والتعامل باللين.
وألا يستعلي على والديه بالعلم أو المال، بل عليه أن يظهر فضل والديه عليه بالعلم والخبرة والحكمة، ومن الحقوق أيضا هو برهما عند كبرهما، حيث قال الله تعالى " وصاحبهما في الدنيا معروفا" فأمر الله تعالى الأبناء بملازمة آبائهم وتفقد أحوالهم ولم يحدد وقتا لذلك لا في شبابهم أو عجزهم، لكن ذلك يتأكد في حال حاجتهم وعجزهم أكثر، فعلى الأبناء أن يبقوا على ملازمة آبائهم في كل وقت في الدنيا حتى يكسبوا بر والديهم، فإذا تقدم الوالدان في العمر فهنا يحتاجان إلى رعاية أكثر واهتمام أكبر حتى ولو كانا من أصحاب المال، فالكبير بالسن يحتاج إلى من يقضي له مشاغله خارج البيت، ويحتاج إلى من يحدثه، وعلى الابن أن يظهر لهما أهمية خبرتهما في الحياة، فبر الوالدين أهم وأوجب في حال تقدمهما في العمر، وأيضا من الحقوق هو الدعاء لهما.
فإن الدعاء للوالدين عبادة يتقرب بها الابن لله تعالى، فيدعو لوالديه بالإيمان والتقوى، وحسن الخاتمة، حتى بعد وفاتهما، وقد وضح لنا النبي صلى الله عيله وسلم ثمرة دعاء الابن لوالديه فقال " يتبع الرجل من الحسنات أمثال الجبال، فيقول أنا هذا؟ فيقال باستغفار ولدك لك" وأيضا الإحسان إليهما حيث أمر الله تعالى عباده بالإحسان إلى الوالدين وعدم إغضابهما، مع القيام بفعل ما يريدانه ما لم يكن محرما، لقوله سبحانه وتعالى " وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا" ولما سُئل النبي صلى الله عيله وسلم، عن أحب الأعمال إلى الله تعالى أجاب بقوله صلى الله عيله وسلم " الصلاة علي وقتها، قال ثم أي؟ قال بر الوالدين، قال ثم أي؟ قال الجهاد في سبيل الله" وهذا يدل على عظيم حقهما ووجوب برهما والإحسان إليهما، وكما يجب علي الأبناء طاعة الوالدين في غير المعصية.