مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 160 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
أصبحنا نعيش اليوم فى ما يسمى بأزمة الأنانية وعبادة الذات، وإن معظم مشاكل الإنسان سوى كانت نفسية أو سياسية أو اقتصادية أوإجتماعية، وحالات الصراع والخلافات في المجتمع والأسر والعشيرة، تعود إلى الأنانية وعبادة الذات، والعقل التسلطي، وإن حب الذات غريزة مركوزة في أعماق الإنسان، وهذا الحب والإعتناء أمر مباح عندما يكون التعبير عنه صحيا وسلميا، فمن حق الإنسان أن يحب الخير لنفسه، ويدفع الأذى والضرر عن نفسه، ويحقق لها التفوق وان يكون مقبولا في المجتمع، غير أن هذا الحب للذات يتحول عند بعضنا إلى حالة مرضية، وعدوانية، واستحواذ على كل شيء، وإلغاء للآخر وحرمانه وعدم الاعتراف في وجوده كانسان له مقوماته الاجتماعية، وحتى يحرم من حقوقه المشروعة، ووضع العراقيل والموانع أمامه لئلا يرتقي إلى مستوى منافسته.
أو التفوق عليه، بل تتحول الأنانية إلى العداء والإفتراء وتكذيب حتى يتم إبعاده عن الساحة التي نعيش بها سويا، وإن النفس البشرية تخفي تحتها أمراضا داخلية، من آفات ودسائس، وشرور وخبائث ولذا كان من الخير والفلاح للعبد أن يعالج هذه الأدواء، ومن الشر والخيبة أن يتركها تعشش على قلبه حتى تفسده وتهلكه وأن ثقافة القرآن تربّي الإنسان على التوازن بين حُب الذات وحب الخير للآخرين بل إنها تسعى لتحرير الإنسان من الأنانية والنرجسية، وربط هذا التوازن بالإيمان، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يعبر عن ذلك بقوله" لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه " وقوله " خير الناس من نفع الناس " والجدير بالذكر ان هذا اصبح لا يعمل به في مجتمعنا واوكد هذه الملحوظة على مجتمعنا العشائري نرى ان البعض يسعى بكل طاقاته.
الى اسقاط الاخر اما بالدعاية او التزلف الى اهل الوجاهة والسلطة، وإن مظاهر التعبير عن عبادة الذات كثيرة، ويتحدث القرآن عن الحسد كأحد مظاهر الأنانية، والحسد كما يعرّفه علماء الأخلاق هو "تمني زوال نعمة من مستحق لها" أى أنه تمني زوال نعمة الآخرين ليكونوا أقل منه، أو ليتراجعوا، ويخسروا ما عندهم، فيكونوا مثله، إن كان فاقدا للصحة أو الولد أو المال أو الجاه، أو الموقع الاجتماعي، ومن أمراض النفس البشرية التي تحتاج إلى وقفة وتذكير، ومعالجة وتصوير هو مرض الأنا، وما أدراك ما مرض الأنا، إنه مرض انتفاخ الذات، وتضخيم النفس، وتمجيد الروح، وكلمة الأنا تخفي تحتها أمراضا وأدواء، من العجب والاستعلاء، والأنانية والكبرياء، إنها كلمة تحمل في طياتها لغة الغرور، ونزعة التزاهي، ولهجة النكران، ومنطق الجحود.
إنها الكلمة التي استخدمها إبليس في المحاججة والمعاندة، وإنها الكلمة التي رددها فرعون وباهى بها، فقال كما جاء في كتاب الله " أنا ربكم الأعلي" وهي الكلمة التي فاخر بها صاحب الجنتين، فقال لصاحبه وهو ظالم لنفسه كما جاء في القرآن الكريم " أنا أكثر منك مالا وأعز نفرا" وهي الكلمة التي استشربها قارون في نفسه، فقال ناسبا ثراءه إلى عندياته، كما قال تعالي " إنما أوتيته علي علم عندي" وإنها الكلمة التي تجعل الإنسان لا يرى إلا نفسه، ولا يهتم إلا بشخصه، ترى هذا النوع من البشر مصابا بداء العظمة، هائما في عالم النرجسية، مستغرقا مع خيالات الطاوسية، وأنه هو دائما علي صواب وغيره خطأ، وهو معرفة وسواه نكره، وهو حاضر والباقي غائب، أفكاره هي المختارة، وأقواله هي المقدمة، فهو الأفهم والأقدر، وهو الأحرص والأنقى.
فهذا النوع من البشر إن تحدث فدندنته حول نفسه، لا يفتأ من ذكر محاسنه وبطولاته، وتاريخه ومغامراته، ويحزن إن لم يبجّل، ويغتم إن لم يقم له، وهمه كيف تنصرف الوجوه لي، وتفكيره، كيف أجعل الأسماع تصغي إليّ؟ فهو مفتون بالأضواء، ومبهور بحب الشهرة، فهذا المنتفخ بالأنا ذاته هي الأول والآخر، لا تهمه مصالح الآخرين، لا يعنيه شأن أمته، ولا يحزنه تدهور أوضاعها، فهذا النوع من البشر بحاجة إلى أن يتذكر حقيقته، وهو أنه بالأمس كان نطفة قذرة، وهو اليوم يحمل بين جنبيه عذره، وهو غدا محمول إلى حفرة، وإن فتنة الأنا لا تنبت إلا في نفس مريضة، وقلب عليل، ولكن لها مهيجات مغذيات تسوق سوقا إلى هذا الداء، فالمنصب العالي، والثراء الفاحش، والشهرة الواسعة فتن لمّاعة، ربما جرت صاحبها لمرض الانتفاخ والتعاظم، والمعصوم من عصمه الله عز وجل.