مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 148 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الإمام إبن رجب الحنبلي هو الإمام الحافظ العلامة زين الدين عبد الرحمن بن أحمد بن عبد الرحمن بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود السلامي البغدادي الدمشقي الحنبلي أبو الفرج الشهير بابن رجب، ويلقب جده بعبد الرحمن، وكان ابن رجب خير قدوة، عالما، وشيخا، وإماما، وعلامة، وعُرف بالزهد والبركة والحفظ، وأنه عمدة وثقة وحُجة في العلم، كما اتبع المذهب الحنبلي، وولد الإمام إبن رجب الحنبلي سنة سبعمائة وست وثلاثين من الهجرة في بغداد من عائلة علمية عريقة في العلم والإمامة في الدين، ثم قدم إلى دمشق من بغداد وهو صغير سنة سبعمائة وأربع وأربعين من الهجرة، وأجازه ابن النقيب والنووي، وسمع بمكة على الفخر عثمان بن يوسف واشتغل بسماع الحديث باعتناء والده وحدث عن محمد بن الخباز وإبراهيم ابن داود العطار وأبي الحرم محمد بن القلانسي.
وسمع بمصر من صدر الدين أبي الفتح الميدومي ومن جماعة من أصحاب ابن البخاري، فأتيح له تحصيل العلم على اكابر اهل عصره في العلم ونبغ فيه وعلا شأنه في علم الحديث وبلغ درجة الإمامة في فنونه، بل في اعماقها وأجلها، وهو علم الاسناد وفي العلل، حتى قصده طلاب العلم، واما في الفقه فقد برع فيه حتى صار من أعلام المذهب الحنبلي، ويشهد في ذلك كتاب القواعد الفقهية، وقد حرص على سماع الحديث النبوي برعاية واعتناء والده، ولما انتقل إلى مصر تلقى العلم عن صدر الدين أبي الفتح الميدومي، وجماعة من أصحاب ابن البخاري، وجماعة أخرى عُرفت برواية الآثار، ونشأ ابن رجب الحنبلي في أسرة عريقة علمية، مما أدى إلى تنمية مواهبه وقدراته، فعُرفت أسرته بالعلم، ومن الشخصيات التي عُرفت بذلك من أسرته هو جده أبو أحمد رجب بن الحسن بن محمد بن أبي البركات مسعود البغدادي.
وهو عبد الرحمن، ولكن يلقب برجب لأنه وُلد في شهر رجب، وكان فقيها عالما وله حلقة علمية يفد إليها الطلاب من كل مكان، حيث وصفه ابن العماد بأنه الشيخ الإمام المحدّث، وأدركه حفيده ابن رجب، وحضر مجالسه، وقرأ عليه، وتوفي الجد سنة سبعمائة واثنين وأربعين للهجرة، ومن أفراد أسرة ابن رجب الذين اشتهروا بالعلم، أبوه أحمد بن رجب بن الحسن بن محمد بن أبي البركات السلامي البغدادي الحنبلي، وُلد ونشأ في بغداد، وسمع من مشايخها، وقرأ بالروايات، وطلب الحديث فيها، وخرّج لنفسه معجما مفيدا، فتتلمذ ابن رجب على أبيه، وتلقى منه العلوم، وانتفع منه، كما أنه كان حريصا على تعليم ابنه، فكان يصطحبه إلى مجالس العلم، وكما اشتهر ابن رجب بالعديد من الأخلاق الفاضلة والكريمة، مجتنبا الرذيل منها من حقد وحسد وبغض ورياء وغير ذلك، واشتهر بالزهد والورع والتقوى والتعفف.
والسمو عن الدنيا وما فيها، فرفض أي عطية أو هبة من أي حاكم، وكان يحث على مخالطة الصالحين من الناس وأهل العلم، والابتعاد عن مخالطة أبناء الدنيا، وكان أيضا من العاملين بذلك مما أدى به إلى حفظ القرآن الكريم، ومعرفة ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة والتابعين رضي الله عنهم، كما كان صاحب بصيرة في مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله، كما كان ابن رجب إماما وحافظا للحديث النبوي الشريف، وعلى معرفة واسعة بالمتون والأسانيد وأحوال الرجال، دون أن يتعصب أو يتحيّز لأي مذهب من المذاهب، أو يقلل من شأن أحدها، وعُرف بعبادته، وأدائه الحسن للصلاة، وتهجده لليل، معتزلا بنفسه، مجتنبا مخالطة الناس، حيث قال عنه ابن قاضي شهبة "وكان منجمعا عن الناس، لا يخالطهم، ولا يتردد إلى أحد من ذوي الولايات، ويسكن بالمدرسة العسكرية بالقصاعين.
وكان لا يعرف شيئا من أمور الدنيا، فارغا عن السياسة وأسبابها، ليس له شغل إلا الاشتغال بالعلم، وكان فقيرا متعففا غني النفس، وبالجملة لم يخلف بعده مثله، ومن شيوخ الإمام إبن رجب الحنبلي هو الإمام ابن القيم وابن عبد الهادي وابن العطار، ومنهم أيضا الشيخ أبو الحرم محمد بن محمد بن محمد القلانسي، ومحمد بن إسماعيل الخباز، وأبو الفتح محمد بن إبراهيم الميدومي، وقال عنه ابن حجر العسقلاني في أنباء الغمر، ومهر في فنون الحديث أسماء ورجالا وعللا وطرقا، واطلاعا على معانيه، وقال عنه ابن العماد الحنبلي كانت مجالس تذكيره للقلوب صادعة، وللناس عامة مباركة نافعة، اجتمعت الفرق عليه، ومالت القلوب بالمحبة إليه، وله صفات مفيدة، ومؤلفات عديدة، وقال عنه ابن المبرد كان رحمه الله تعالى إماما ورعا زاهدا مالت القلوب بالمحبة إليه.
وأجمعت الفرق عليه كانت مجالس تذكيره الناس عامة نافعة وللقلوب صادعة، وكما كان من تلاميذ الإمام إبن رجب الحنبلي، هو الإمام الزركشي، ابن اللحام، ومن مؤلفاته هو جامع العلوم والحكم، وهو مطبوع بتحقيق الشيخ ماهر ياسين الفحل، وتفسير سورة الإخلاص، وتفسير سورة النصر، وشرح علل الترمذي وهو كتاب مطبوع بتحقيق الشيخ ماهر ياسين الفحل، وكتاب أهوال القبور، وكتاب فتح الباري شرح صحيح البخاري، وهو غير مكتمل، وكتاب فضل علم السلف علي علم الخلف، ولطائف المعارف فيما لمواسم العام من الوظائف، والفرق بين النصيحة والتعيير، وذم المال والجاه، ونزهة الأسماع في مسألة السماع، والتخويف من النار، واستخراج الجدال من القرآن الكريم، وذيل طبقات الحنابلة، واختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى، والقواعد الفقهية.
وكشف الكربة في وصف أهل الغربة، والحكم الجديرة بالإذاعة، ومجموع رسائل ابن رجب وقد جمعها بعض المحققين، وتوفي الإمام إبن رجب الحنبلي في شهر رجب أو في شهر رمضان سنة سبعمائة وخمس وتسعين من الهجرة بدمشق، الموافق لليلة الاثنين الرابع من شهر رمضان، في منطقة الخميرية، وتحديدا في بستان استأجره، وتم دفنه بالباب الصغير قرب قبر العلامة الشيخ الفقيه أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي المقدسي الدمشقي، الذي توفي في شهر ذي الحجة من سنة أربعمائة وست وثمانين، كما في الشذرات، وهذا الشيرازي هو الذي نشر المذهب الحنبلي بين الدمشقيين، وقال ابن ناصر الدين عنه ولقد حدثني من حفر لحد ابن رجب أن الشيخ زين الدين بن رجب جاءه قبل أن يموت بأيام، فقال لي احفر لي هاهنا لحدا وأشار إلى البقعة التي دفن فيها.
قال فحفرت له، فلما فرغ نزل في القبر واضطجع فيه فأعجبه وقال هذا جيد ثم خرج، قال فوالله ما شعرت بعد أيام إلا وقد أتى به ميتا محمولا في نعشه فوضعته في ذلك اللحد، فرحمه الله رحمة واسعه.