مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 125 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الإمام إبن قدامة هو موفق الدين أبو محمد عبد الله بن أحمد بن قدامة بن مقدام، العدوي، القرشي، المقدسي، الجماعيلي، ثم الدمشقي، الصالحي وهو أحد أئمة وشيوخ المذهب الحنبلي، وهو مؤلف كتاب المغني ويمكن اعتباره من أكبر كتب الفقه في الإسلام والمذهب الحنبلي، وولد الإمام إبن قدامة بجماعيل وتسمى اليوم جماعين من عمل نابلس في فلسطين في شهر شعبان سنة خمسمائة وواحد وأربعين من الهجرة، الموافق ألف ومائة وسبع وأربعين ميلادي، وفي تلك السنة قامت الحملة الصليبية الثانية بقيادة لويس السابع ملك فرنسا، وكونراد الثالث ملك ألمانيا، وبعد ذلك بثماني سنوات استولى الصليبيون على فلسطين فهاجر أحمد بن قدامة مع أسرته إلى دمشق، وطلب عبد الله العلم في دمشق، ثم في بغداد حيث رحل إليها هو وابن خالته الحافظ عبد الغني المقدسي.
صاحب عمدة الأحكام والمحدث الكبير المتوفى سنة ستمائة من الهجرة، فدرسا على شيخ الحنابلة عبد القادر الجيلاني، وغيره من مشايخ بغداد، وقد خدم الموفق المقدسي المذهب الحنبلي خدمة عظيمة بمؤلفاته المفيدة، ومنها العمدة، والمقنع، والكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل، والمغني، ولما زحف صلاح الدين الأيوبي بجيوش الإسلام لتحرير فلسطين في شهر المحرم سنة خمسمائة وثلاث وثمانين من الهجرة، الموافق ألف ومائة وسبع وثمانين ميلادي، وكان الشيخ ابن قدامة في مقدمة تلك الجيوش، وشرفه الله بالمشاركة في حصار الكرك، وعكا، وفتح طبرية، ومعركة حطين قرب النبي شعيب في الخامس والعشرين من شهر ربيع الثاني حيث أسر ملك الإفرنج جيفري، وأميرهم أرناط، وشارك الشيخ ابن قدامة مع صلاح الدين في تحرير طبريا وعكا والناصرة وقيسارية وصفورية وتبنين وصيدا.
وتحرير بيروت في التاسع والعشرين من شهر جمادى الأولى، وتحرير عسقلان، وفتح القدس يوم الجمعة السابع والعشرين من شهر رجب الفرد، ونصب فيها المنبر الذي أرسله نور الدين بن محمود زنكي، وكان الشيخ ابن قدامة في الثانية والأربعين من عمره، وكان يقضي وقته بين التدريس والجهاد في سبيل الله، ولما بلغ التاسعة والسبعين من عمره وافاه الأجل يوم عيد الفطر المبارك سنة ستمائة وعشرين من الهجرة، الموافق ألف ومائتان وثلاث وعشرين ميلادي، ودفن في مغارة التوبة بمدينة دمشق، وأما عن وصفه الخلقي فقد قال الضياء كان تام الخلقة أبيض مشرق الوجه أدعج كأن النور يخرج من وجهه لحسنه واسع الجبين طويل اللحية قائم الأنف مقرون الحاجبين صغير الرأس لطيف اليدين والقدمين نحيف الجسم ممتعا بحواسه، وحفظ القرآن دون سن البلوغ وحفظ مختصر الخرقي.
وتعلم أصول الدين، وكتب الخط المليح، وتتلمذ على يد كبار مشايخ دمشق واعلامها فنبغ، ثم سافر إلى بغداد هو وابن خالته الحافظ عبد الغني المقدسي سنة إحدى وستين، وأقاما بها أربع سنوات يدرسان على شيوخها، ومنهم عبد القادر الجيلاني وابن الجوزي وعاد إلى دمشق، وتظهر شخصية ابن قدامة من خلال كتاباته التي تدلل على قوة شخصيته، وتميز تفكيره، واستقلالية رأيه، ونفوذ بصيرته، وسلامة عقيدته، يتبع الحق ولا يجامل في الباطل، اتضح حبه للعلم حيث ارتحل وسافر لأجل طلبه، فقد رحل إلى بغداد والموصل ومكة المكرمة، ثم عاد إلى العراق ثم إلى دمشق، وقال عنه أبو عمرو بن الصلاح مارأيت مثل الشيخ موفق، وقال ابن تيمية عنه ما دخل الشام بعد الأوزاعي أفقه من الشيخ موفق، وقال ابن رجب الحنبلي الفقيه الزاهد الإمام شيخ الإسلام وأحد الأعلام.
وقال أيضا هو إمام الأئمة ومفتي الأمة خصه الله بالفضل الوافر والخاطر الماطر، طنت في ذكره الأمصار وضنت بمثله الأعصار، وقد وصفه الذهبي بأنه كان من بحور العلم وأذكياء العالم، وقال الكتبي صاحب كتاب فوات الوفيات أنه كان إماما حجة مصنفا متفننا محررا متبحرا في العلم كبير القدر، ونقل الذهبي عن الضياء المقدسي قوله سمعت المفتي أبا بكر محمد بن معالي بن غنيمة يقول ما أعرف أحدا في زماننا أدرك درجة الاجتهاد إلا الموفق، وقال الصفدي كان أوحد زمانه إمام في علم الخلاف والفرائض والأصول والفقه والنحو والحساب والنجوم السيارة والمنازل، وقال ابن كثير عنه إمام عالم بارع، لم يكن في عصره بل ولا قبل دهره بمدة أفقه منه، ومن مؤلفات الإمام إبن قدامة هو كتاب عمدة الفقه، والمقنع، والكافي في فقه الإمام أحمد بن حنبل، والمغني وهو أكبر كتبه ومن كتب الإسلام المعدودة.