مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 132 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الإمام إبن رشد هو أحد كبار الفلاسفة في الحضارة العربية الإسلامية، وهو شخصية علمية مسلمة متعددة التخصصات فهو فيلسوف، وفقيه، وطبيب، وفلكي، وقاضي، وفيزيائي عربي مسلم أندلسي، وهو أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن رشد، واشتهر باسم ابن رشد الحفيد وهو مواليد الرابع عشر من شهر إبريل لعام ألف ومائة وست وعشرين ميلادي، في قرطبة وهو فيلسوف أندلسي مسلم، ودرس الفقه والأصول والطب والرياضيات والفلسفة، وبرع في علم الخلاف، مارس الطب وتولى قضاء قرطبة وفي عام خمسمائة وثماني وسبعين من الهجرة، عرفه الأوروبيون معرفة واسعة، ونشأ في أسرة من أكثر الأسر وجاهة في الأندلس والتي عرفت بالمذهب المالكي، حفظ موطأ الإمام مالك، وديوان المتنبي، ودرس الفقه على المذهب المالكي والعقيدة على المذهب الأشعري.
ويعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام ودافع عن الفلسفة وصحح للعلماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو، وقدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيبا له ثم قاضيا في قرطبة، وتولى ابن رشد منصب القضاء في أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو، تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وتعرض ابن رشد في آخر حياته لمحنة حيث أبعده أبو يوسف يعقوب إلى مراكش وتوفي فيها عام ألف ومائة وثماني وتسعين ميلادي، ونشأ ابن رشد في كنف بيت من بيوت العلم لأسرة أندلسية تنحدر من سرقسطة من الثغر الأعلى بالأندلس، والده هو أبو القاسم أحمد بن أبي الوليد، كان فقيها له مجلس يدرس فيه في جامع قرطبة، وله تفسير للقرآن في أسفار، وشرح على سنن النسائي وتولى القضاء في قرطبة عام خمسمائة واثنين وثلاثين من الهجرة.
بينما كان ابنه ابن رشد آنذاك في الثانية عشرة من عمره، فترك أبو القاسم القضاء لينقطع إلى التدريس والتأليف، في الفقه والتفسير والحديث، إلى أن توفي سنة خمسمائة وثلاث وستين من الهجرة، عندما كان ابنه في أوج نشاطه الفلسفي، فعايش ابن رشد الحفيد في شبابه أواخر العصر المرابطي، وتميز ذلك العصر بسلطة الفقهاء على الفكر والثقافة والمجتمع والسياسة، ولم يدرك ابن رشد الحفيد ابن رشد الفقيه الجد، الذي كان من أعيان المالكية وقاضي الجماعة وإمام الجامع الأعظم بقرطبة، وواحدا من كبار مستشاري أمراء الدولة المرابطية، ودرس ابن رشد الفقه على يدي الفقيه الحافظ أبي محمد بن رزق، واستظهر كتاب الموطأ حفظا للأمام مالك على يدي أبيه الفقيه أبي القاسم، ودرس، أيضا، على أيدي الفقيه أبي مروان عبد الملك بن مسرة، والفقيه ابن بشكوال وأبي بكر بن سمحون.
وأبي جعفر بن عبد العزيز، الذي أجاز له أن يفتي في الفقه مع الفقيه أبي عبد الله المازري، كما درس على يد أبي جعفر هارون، وأبي مروان بن جبرول من بلنسية، وكان أقرب من أبي بكر بن زاهر وهو أحد أبناء ابن زهر، وفي الفلسفة تأثر بابن باجة، كما كان صديقا لابن طفيل، وتولى القضاء عام ألف ومائة وتسع وستين ميلادي في إشبيلية ثم في قرطبة، وحين استقال ابن طفيل من طبابة الخليفة اقترح اسم ابن رشد ليخلفه في منصبه، فاستدعاه الخليفة الموحدي أبو يعقوب يوسف إلى مراكش سنة خمسمائة وثماني وسبعين من الهجرة، وجعله طبيبه الخاص، وقربه منه وقضى في مراكش زهاء عشر سنوات، وكان الخليفة أبو يعقوب يستعين بابن رشد إذا احتاج الأمر للقيام بمهام رسمية عديدة، ولأجلها طاف في رحلات متتابعة في مختلف أصقاع المغرب فتنقل بين مراكش وإشبيلية وقرطبة.
ثم ولاه منصب قاضي الجماعة في قرطبة ثم في إشبيلية، فلما مات أبو يعقوب يوسف وخلفه ابنه المنصور الموحدي زادت مكانة ابن رشد في عهده ورفعة وقربه إليه، ولكن كاد له بعض المقربين من الأمير، فأمر الأمير بنفيه وتلامذته إلى قرية اليسانة التي كان أغلب سكانها من اليهود، وأحرق كتبه، وأصدر منشورا إلى المسلمين كافة ينهاهم عن قراءة كتب الفلسفة، أو التفكير في الاهتمام بها، وهدد من يخالف أمره بالعقوبة وبقي بتلك القرية لمدة سنتين، وبعد تأكد السلطان من بطلان التهمة السياسية التي كانت وراء تلك النكبة عفا عنه واستدعاه من جديد إلى مراكش وأكرم مثواه كأحد كبار رجال الدولة ثم إن السلطان نفسه أخذ في دراسة الفلسفة والاهتمام بها أكثر من ذي قبل ولكن الفيلسوف لم يهنأ بهذا العفو فأصيب بمرض لم يمهله سوى سنة واحدة مكث بها بمراكش حيث توفي سنة خمسمائة وخمس وتسعين من الهجرة، وقد دفن بها، قبل أن تنقل رفاته في وقت لاحق إلى مسقط رأسه قرطبة.