مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 216 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الإمام إبن الحاجب هو أبو عمرو عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس الدويني الأسنائي الشهير بإبن الحاجب، الفقيه المالكي والأصولي النحوي والمقرئ، هو الشيخ الإمام عثمان بن عمر بن أبي بكر بن يونس أبو عمرو ابن الحاجب الكردي الدويني الأصل الإسنائي المولد، وولد الإمام إبن الحاجب سنة خمسمائة وسبعين وقيل خمسمائة وإحدي وسبعين من الهجرة، في مدينة إسنا بمحافظة الأفصر في صعيد مصر وكان أبوه جنديا كرديا، حاجبا للأمير عز الدين موسك الصلاحي وهو ابن خال السلطان صلاح الدين الأيوبي، وقدم به أبوه إلى القاهرة فحفظ القرآن وبدأ الاشتغال بالعلم في صغره، وقال الإمام تقي الدين ابن دقيق العيد عن ابن الحاجب هذا الرجل تيسرت له البلاغة فتفيأ ظلها الظليل وتفجرت ينابيع الحكمة فكان خاطره ببطن المسيل، وقرب المرمى فخفف الحمل الثقيل، وقال القاضي ابن خلكان كان ابن الحاجب من أحسن خلق الله ذهنا.
وجاءني مرارا بسبب أداء شهادات وسألته عن مواضع في العربية مشكلة فأجاب عنها أبلغ إجابة بسكون كثير وتثبت تام، وذكره العلامة ابن أبي شامة فقال كان من أذكى الأمة قريحة، ركنا من أركان الدين في العلم والعمل بارعا في العلوم الأصولية وتحقيق علم العربية متقنا لمذهب مالك وكان ثقة حجة متواضعا عفيفا كثير الحياء منصفا محبا للعلم وأهله ناشرا له صبورا على البلوى محتملا للأذى، وكان ابن الحاجب فقيها فاضلا مفتيا مناظرا مبرزا في عدة علوم مُتبحرا فيها مع ثقة ودين وورع وتواضع واحتمال دون تكلف، وكان من أذكياء العالم، ضرب به المثل في حدة الذهن وحسن التصور وكان رأسا في علوم كثيرة منها الأصول والفروع والعربية والتصريف والعروض والتفسير، وكان ابن الحاجب علامة زمانه ورئيس أقرانه استخرج ما كمُن من درر الفهم ومزج نحو الألفاظ بنحو المعاني، وأسس قواعد تلك المباني وتفقه حتى ساد أهل عصره.
وكان من أنجم الهداية، وقد استوطن ابن الحاجب مصر ثم استوطن الشام ودرس بجامعها في الزاوية النورية المالكية ثم رجع إلى مصر مع العز بن عبد السلام فاستوطنها سنة ستمائة وثماني وثلاثين من الهجرة، وذلك بعد أن أخرجهما والي دمشق لإنكارهما عليه أمورا قام بها، وتصدر بالمدرسة الفاضلية بالموضع الذي كان يقوم بالتدريس فيه الشاطبي وقصده الطلبة ثم توجه إلى الإسكندرية ليقيم بها فلم تطل مدته هناك، وقد نهل الفضلاء من علمه الزاخر وهو في كل ذلك على حال عدالة وفي منصب جلالة وصنف التصانيف المفيدة وخالف النحاة في مسائل دقيقة، وأورد عليهم إشكالات، وإلزامات مفحمة تعز الإجابة عنها، وكان الشيخ ذا قدرة عجيبة على الاختصار حتى إنه كان يضن بالفاء أو الواو إذا كانت زائدة يتم المعنى بدونها وقد يختصر الخطبة التي تكون أول التصنيف بل قد يكتفي بالبسملة ويشرع في ذكر ذلك العلم الذي قصده.
وله القدرة على إدراج المسائل الكثيرة في الألفاظ القليلة، ومصنفاته فيها حسن صناعة وجودة تصنيف تدل على تمكنه وحذقه وذكائه وقد رزقت القبول وطارت في الآفاق وسارت بها الركبان، وكان ابن الحاجب وابن مالك طرفي نقيض خالفا العادة لأن ابن مالك مغربي شافعي وابن الحاجب كردي مالكي ومن هنا غلط بعض الشراح للمقدمة فجعله مغربيا لما سمع بأنه مالكي، وكان من شيوخه هو الإمام الشاطبي أبو محمد قاسم بن فيره بن أبي القاسم خلف الرعيني، وتأدب عليه وقرأ عليه القرآن ببعض الروايات وسمع منه التيسير والشاطبية، وأيضا الإمام أبو الفضل محمد بن يوسف بن علي الغزنوي الحنفي، وقرأ عليه جميع القراءات، وأيضا الإمام أبو الجود غياث بن فارس بن مكي بن عبد الله اللخمي، قرأ عليه بالسبع، وأيضا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري، وسمع منه الحديث وأخذه عنه.
وأيضا أبو منصور شمس الدين أبو الحسن علي بن إسماعيل بن علي الصنهاجي الأبياري، وقد تفقه عليه، وأيضا الإمام أحمد بن الخليل بن سعادة بن جعفر بن عيسى البرمكي، وأبو حامد محمد بن علي بن محمود كمال الدين بن الصابوني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن حامد الأرتاحي، وسمع منه الحديث وهو آخر من حدث بالشام، وأيضا الحافظ بهاء الدين أبو محمد القاسم بن عساكر وسمع منه الحديث بدمشق، وأيضا الإمام أبو الحسن الشاذلي وهو إمام الطريقة الشاذلية، وقرأ عليه كتاب الشفا للقاضي عياض، وإسماعيل بن ياسين، وسمع منه الحديث، وحماد الحراني، وسمع منه الحديث، وفاطمة بنت سعد الخير، وسمع منها الحديث، وأحمد بن الحسن أبو غالب المعروف بابن البنا، وقد تأدب عليه، وأبو الحسن بن جبير، وأخذ عنه الفقه والأصول، وكانت لابن الحاجب براعة بالعربية والفقه وأصوله والقراءات، وكان له عدة تلاميذ نهلوا من معينه، وارتشفوا من لسانه هذه العلوم.