الإمام ناصح الدين إبن الحنبلي |جريدة الراي

بتاريخ :الأربعاء 25 مايو 2022

الناشر :شريف   عدد المشاهدات : 117 مشاهدات


بقلم / محمـــد الدكـــروري  

الإمام ناصح الدين إبن الحنبلي وهو من أبناء العلماء من بيت ابن الحنبلي، عبدالواحد الشيرازي شيخ الشام وهو عبدالواحد بن محمد بن علي الشيرازي ثم المقدسي ثم الدمشقي، أبو الفرج الأنصاري، شيخ الشام في وقته، وكان صاحب بركات وكرامات ظاهرة وقال الشيخ الموفق ابن قدامة كلنا في بركات الشيخ أبي الفرج، وقال لما قدم الشيخ أبو الفرج إلى بلادهم من أرض بيت المقدس، تسامع الناس به فزاروه من أقطار تلك البلاد، قال فقال جدي قدامة لأخيه تعالي نمشي إلى زيارة هذا الشيخ لعله يدعو لنا، قَال فزاروه، فتقدم إليه قدامة، فقال له يا سيدي، ادعو لي أن يرزقني الله حفظ القرآن، قال فدعا له بذلك، وأخوه لم يسأله شيئا، فبقي على حاله، وحفظ قدامة القرآن، وانتشر الخبر منهم ببركات دعوة الشيخ أبي الفرج، وقال الذهبي هو الإمام القدوة، شيخ الإسلام أبو الفرج عبدالواحد بن محمد بن علي بن أحمد الأنصاري. 

الشيرازي الأصل، الحرّاني المولد، الدمشقي المقر، الفقيه الحنبلي الواعظ، وكان يُعرف في العراق بالمقدسي، من كبار أئمة الإسلام، وولد الإمام ناصح الدين إبن الحنبلي في شيراز، وتفقه ببغداد على القاضي أبي يعلى مدة، وقدم الشام فسكن بيت المقدس، فنشر مذهب الإمام أحمد فيما حوله، ثم أقام بدمشق فنشر المذهب، وتخرج به الأصحاب، فكان أول من نشر المذهب الحنبلي في بلاد الشام، وقال ابن رجب الحنبلي وكان إماما عارفا بالفقه والأصول، شديدا في السنة، زاهدا عارفا، عابدا متألها، ذا أحوال وكرامات، وكان تتش صاحب دمشق يعظمه، وقال أبو الحسين بن أبي يعلى صحب الوالد السعيد ابن الفراء من سنة نيف وأربعين، وتردد إلى مجلسه سنين عدة، وعلق عنه أشياء في الأصول والفروع، ونسخ واستنسخ من مصنفاته، وسافر إلى الرحبة والشام، وحصل له الأصحاب والأتباع والتلامذة والغلمان، وكانت له كرامات ظاهرة ووقعات مع الأشاعرة. 

وظهر عليهم بالحجة في مجالس السلاطين ببلاد الشام، وقال أيضا وكان أبو الفرج ناصرا لاعتقادنا، متجردا في نشره، مبطلا لتأويلات أخبار الصفات، ومن تصانيفه التي ينصر فيها مذهب أهل السنة هو كتاب الإيضاح، والتبصرة في أصول الدين علي مذهب الإمام أحمد بن حنبل، ومختصر في الحدود، وفي أصول الفقه، وجزء فيه امتحان السني من البدعي، وكتاب المبهج، في الفقه الحنبلي، ويقال إن له كتاب الجواهر في التفسير في ثلاثين مجلدا، وتوفي الإمام ناصح الدين إبن الحنبلي سنة ربعمائة وست وثمانين من الهجرة، وخلف ذرية مباركة من العلماء تعرف ببيت ابن الحنبلي من أبرزهم هو ابن الحنبلي، أبو القاسم شرف الإسلام عبدالوهاب بن عبدالواحد بن محمد بن علي الشيرازي، الشهير بابن الحنبلي، ونشأ بدمشق، وتفقه على أبيه، وذهب إلى بغداد وناظر فقهاءها في المسائل الخلافية، وصار له القبول الزائد في الوعظ.

وفي رئاسة مشيخة الحنابلة بدمشق بعد أبيه، وعظمت مكانته، حتى إنه قد أرسله الملك بوري بن طغتكين رسولا إلى المسترشد بالله، يستصرخ به على غزو الفرنج الصليبيين، وأنهم أخذوا كثيرا من الشام، وقال الذهبي في صفته كان ذا لسن وفصاحة وصورة كبيرة، وكان على الطريقة المرضية، والخلال الرضية، ووفور العلم، وحسن الوعظ، وقوة الدين، وابتنى المدرسة الحنبلية الأولى في دمشق التي أخرجت أجيالا من العلماء، ومن أبرزهم أولاده وأحفاده، وجاهد الباطنية في الشام عام خمسمائة وثلاث وعشرين من الهجرة، وكان في طليعة جيش المسلمين ببانياس، وكذلك بارز النصارى الصليبيين لما طمعوا في دخول دمشق في فتنة الباطنية، وقام مع طلابه وحاربهم، وقتلوا منهم وأسروا نحوا من ثلاثمائة، ومن أبرز مصنفاته هو كتاب الرسالة الواضحة في الرد على الأشاعرة، تلك الرسالة التي تعد من عيون ردود قدامى الحنابلة على الأشعرية. 

وما زال ابن الحنبلي محمود السيرة حتى توفي عام خمسمائة وست وثلاثين من الهجرة، في نحو من ستين سنة قضاها في العلم والجهاد، وقال ابن القلانسي مصورا يوم جنازته وكان يوم دفنه مشهودا من كثرة المشيعين له، والباكين حوله، والمؤبّنين لأفعاله، والمتأسفين عليه، رحِمه الله، ودُفن بجوار والده، وخلفه ولده، وكما كان من أبناء عبدالملك بن عبدالوهاب بن عبدالواحد بن محمد علي الأنصاري الشيرازي، القاضي بهاء الدين بن شرف الإسلام بن الشيخ أبي الفرج الشيرازي، ولد بدمشق، وأخذ العلم عن أبيه، وتفقه مدة بخراسان حيث ارتحل إليها، وتضلع في العلم، وأفتى ودرّس وناظر، ورأس مشيخة الحنابلة بالشام بعد والده، وتولى القضاء، وقال ابن القلانسي في كتاب تاريخ دمشق كان إماما فاضلا، مناظرا مستقلا، مفتيا على مذهب الإمامين أحمد وأبي حنيفة رحمهما الله، بحكم ما كان يجري عليه عند إقامته بخراسان لطلب العلم والتقدم.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية