تحديات ومقومات النهضة الثقافية

بتاريخ :الاثنين 04 يوليو 2022

الناشر :tareak   عدد المشاهدات : 30 مشاهدات

 

كتب .. د. عبد العزيز أدم 

يمر الوضع الثقافي حاليًا بالعديد من التحديات التي أثرت على المستوى والذوق العالم للكتاب والقراء على حد سواء، فبعد الغزو الكاسح لمواقع التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية المختلفة، أصبح من المستحيل وضع معايير رقابية أو معايير جودة لمحتوى المواد الثقافية التي يتم نشرها عبر تلك المنصات، فأصبحت تلك المواقع مرتعًا لنشر العديد من الأعمال التي تفتقر للحد الادني من التقنية والقبول أو القيمة، وهذا بدوره أثر سلبًا على الذوق العالم وأصبح من المعتاد لدى المتلقين أن يستسيغوا مواد ثقافية لا ترقى لأن تكون أعمالًا أدبية تنشر من الأساس، وهذا شجع عديمي الخبرة والموهبة -من الدين يطلقون على أنفسهم عبثًا كتاب- على الاستمرار في بث أعمالهم بشكل فج دون رقيب. وعلى جانب القراء والمثقفين فإن الأمر لا يقل سوءًا، فبعد غزو هذا العالم الرقمي الذي أصبح جزء أصيل من تفاصيل حياتنا اليومية، عزف المثقفون عن القراءة وأصبحت وكأنها عبء ثقيل لا يمارسونه إلا خلال ساعات معدودة أو معدومة خلال العالم، ذلك لأن المنصات المرئية انتشرت بشكل رهيب وأصبح بامكانهم في دقائق عديدة أن يطلعوا على العديد من المشاهد السريعة التي تتنوع بين ثقافة وكوميديا وغرائب، فأصبح هذا هو البديل السهل للقراءة والتثقف ونتيجة لذلك أصبحت القراءة وكأنها عبء بعد أن كانت وسيلة للمتعة ًوالمعرفة. ونحن لسنا في معزل عن هذا التطور ولا نطالب أبدًا بمقاطعة تلك المنصات الرقمية ولا أي وسيلة تكنولوجية حديثة، وإنما يجب تقنينها والحد من خطرها قبل أن يندثر الفكر الثقافي أو يصبح في طي النسيان. وتلك بعض المقترحات للنهوض بالمستوى الثقافي وإعادة الحياة له: 

- الرقابة على دور النشر 

أغلب دور النشر لاسيما التي تقتضي أجرا على ما تنشره، تقبل نشر أي أعمال مهما كان مستواها متردي لا يرقى للنشر، وهذا بدوره قد ساهم في العزوف عن الكتب الورقية من جانب القراء والمثقفين، لذلك يجب وضع آليات ونظم رقابية تلتزم بها جميع دور النشر ويخضع لها أي عمل ثقافي قبل نشره، وممكن أن يتم تشكيل لجنة مستقلة للمراجعة وتكون مدفوعة الأجر من دور النشر لإجازة أو رفض أي عمل أدبي قبل البدء في اجراءات النشر 

- التوعية بأهمية القراءة

قلة عدد القراء في عصرنا الحالي هو نتاج قلة الوعي مع وجود بدائل رقمية في منصات التواصل الاجتماعي وغيرها، لذلك يجب على قصور الثقافة ووسائل الإعلام المختلفة أن تقوم بعمل حملات توعوية لتوضيح أهمية القراءة في توسيع المدارك وتغذية العقول والارتقاء بالذوق والفكر العام. وتعزز تلك الحملات من مفهوم القيمة من وراء اقتناء كتاب ومصادقته والتلاحم مع صفحاته وكأنه كما قال العقاد حياة جديدة تحياها مع كل كتاب تقرأه 

- دعم الكتاب الورقي 

أسعار الكتب الورقية أصبح مغالى فيها كثيرًا بسبب أرتفاع أسعار الورق والأحبار وآلات الطباعة، وهذا الغلو غير مناسب للعديد من فئات القراء كالطلاب مثلًا، لذلك يجب على وزارة الثقافة التفكير بشكل فعلي لوضع بعض المعايير لأسعار الكتب والتفكير في عمل مطابع مركزية تشرف عليها الوزارة وتتعامل معها دور النشر بشكل منخفض للتكاليف ومن ثم يتم تخفيض سعر الكتب، وكذلك يمكن عمل خصم خاص لطلاب الجامعات  

- تشجيع الموهوبين من الكتاب المبتدئين 

العديد من المبتدئين من الكتاب الموهوبين هم مشروع لأدباء قد يساهمون في إثراء الحياة الثقافية إذا اتيحت لهم الفرصة المناسبة وتم تشجيعهم وتبنيهم بشكل فعال، لذلك يجب تكوين لجان لاكتشاف تلك المواهب واعطائهم الامكانات المناسبة التي تساهم في تطويرهم ليكونوا لبنة في بناء الصرح الثقافي المرجو من خلال أعمالهم

- عمل ندوات أدبية ومسابقات تدعمها وزراة الثقافة  

 يجب العودة للندوات والفاعليات الأدبية آلتي أصبح من النادر تنظيمها، فتلك الندوات تعزز من التوعية لدى القراء وتشجعهم وفي نفس الوقت، فهي فرصة للكتاب لمناقشة اعمالهم الأدبية والاستفادة من النقاشات الثرية التي ستثقل من قيمة ومستوى أعمالهم الأدبية اللاحقة. والمسابقات الأدبية أيضًا لها دور كبير في ذلك حيث تشجع الكتاب على الرقي بأعمالهم الأدبية لتحظى بفرصة التنافس في تلك المسابقات وتساهم أيضًا في الرقي بالأعمال الأدبية من خلال مراجعتها وحصرها في الأعمال الأفضل من بين المتقدمين، وبذلك يحذوا الكتاب حذو الصفوة من الأعمال التي تم تصفيتها واختيارها فتكون مرجعًا أو مقياسًا للمستوى المقبول من الأعمال الأدبية لاحقًا 

 

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية