بين الحرف والأنين… محمد عبد الرحمن، شاعر عم يقطف الوجع من عيون الناس ـ جريدة الراي

بتاريخ :الجمعة 25 إبريل 2025

الناشر :انجى باسم   عدد المشاهدات : 82 مشاهدات

بين الحرف والأنين… محمد عبد الرحمن، شاعر عم يقطف الوجع من عيون الناس ـ جريدة الراي 

 

تقرير خاص من القاهرة- الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

 

يا بحر الكلمة، يا ريحة الحنين المالح، يا حبر ما بينكتب، وبيضلّ يصرخ جوّا الورق… بمحبرة القلب، وبحبر ما بينشف، بيطلّ محمد عبد الرحمن شاعر متل ما لازم تكون القصايد: ناي مكسور، وصوت عم يفتّش عالعدالة بين الزحمة، رجل عم يمشي عَ سنّ الشك، وبصدره ألف سؤال عم يصرخ: وين الحقيقة؟

ما فيه شي عادي بمحمد… لا كلمته، ولا حضوره، ولا سكوتو. ما بينباع وما بينشرى، ولا بيجامل، ولا بيخاف يجرح بس ليقول الصح. شاعر مش بس بيكتب، شاعر بيشهد. بيشهد عالعمر وقت ينكسر، وبيشهد عالحب وقت يضيع، وبيشهد عالناس لما تتعب وما تلاقي مين يسمعها.

محمد عبد الرحمن مش متل الباقيين…

 

هيدا شاعر بيشبهك وبيشبهني، بيشبه العجوز اللي ناطر حدا يدقّ بابه، وبيشبه الشب الحالم اللي بعدو عم يدوّر على فرصة وسط هالبلد التعبان. كلمتو مش مزيّنة، مش مفلترة، ما فيها مراية لتفرجيك بس الزوايا الحلوة… كلمتو مرّة بتسلخ، ومرّة بتضمّد، ومرّة بتتركك عالحدّ بين الصرخة والدمعة.

يمكن ما بيحب ينحكى عنو، ويمكن ما بيركض عالضو، بس لما تقرا سطر منو، بتحس حالك عرفته من عمر.

عرفته من نبرة "آه" طالعة من بين سطور مهزوزة،

من وجّ وجهو عتمة بس عيونو بيغنّوا أمل،

من صبر عم يخبّي وجع بلا ما يصرّح فيه…

بس نحنا منعرف، ونحسّ، ونقرأ بين الحروف.

بيحمل الشوارع بإيد، والناس بإيد تانية…

 

كلمتو بتوقف على إشارة قلب، ما بتمرق مرور الكرام.

فيها صدى… فيها وجّ… فيها وطن عم يندفن كل يوم، وحلم عم ينولد من الركام.

ما بيكتب للمناسبات، ولا للتهاني،

بيكتب للناس اللي عم تعيش بلا صوت، وعم تموت بلا ضجيج.

بيكتب للحب وقت ينهان، وللحرية وقت تتهَم بالخيانة.

شو بدّك أكتر من شاعر حامل غضب الملايين بصدره؟

شو بدك أكتر من شاعر إذا سكت، القصايد بتنقهر؟

كلّ ما فتّحنا كتاب، بنشمّ ريحة وجع مألوف،

كلّ ما قرينا سطر، منحسّ في شي منّا مكتوب هونيك.

 

هوّي ما كان بدّو المجد، بس المجد لحقلو لحالو.

ما طلب التصفيق، بس الكلمات وقفوا وحيّوه.

ما تغنّى بالمجد الكاذب، ولا لبس أقنعة مزركشة…

هوّي متل الأرض: قاسي وقت اللزوم، بس خصب، وبينبت حبّ.

هوّي متل القمر: ما بيحكي، بس ضوّو بيفضح كل العتم.

محمد عبد الرحمن مش مجرّد شاعر…

هوّي بوصلة عم تبرم بزمن ضايع.

هوّي صوت، وصدى، وعيون بتشوف أكتر من اللازم…

 

بتشوف الحزن عم يتمشى بالأسواق،

والحب عم يتدلّى من شبابيك بلا ناطر،

والأمل عم يكتب وصيّتو كل ليلة.

 

كلمتو بتشبه جنازة ساكتة، وعرس بلا عريس، وحكاية ناقصة عم تفتّش عَ فصل جديد.

ما بيكمل قصيدتو، بيتركها تنفسّ لحالها، تتلوّن بالناس، وتعيش بعدو.

وإذا سألتو عن حالو، بيجاوبك بـ"أنا بس شاهد… عم سجّل".

بس الحقيقة؟ هوّي أكتر من هيك بكتير.

هوّي الشاهد، وهوّي المجرم، وهوّي الضحيّة…

هوّي القصيدة، وهوّي الورق، وهوّي الدمعة اللي بتنزل بصمت، وبتفضح ألف وجع.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية