مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :احمد حدوقه عدد المشاهدات : 39 مشاهدات
متابعة : الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر
بهيدا الزمن يلي فيه الشهرة صارت بتنوضع بفلاتر، والنجومية بتنقاس بعدد اللايكس، في نجم واحد قرر يكون غير، قرر يزرع اسم من حرفو، يخطّ بصمتو على تراب جديد، قرر يحط قلبو بعين التحدي ويواجه الغرب مش كضيف، ولا كعابر سبيل، بل كفاعل، كمؤثّر، كممثل عربي حامل على كتافو كل الإرث، وكل الطموح، وكل الرغبة المجنونة إنو يحط الشرق وجهاً لوجه قدام كاميرا أميركية ويصرخ: "أنا هون!"، وهيدا تمامًا اللي عملو رامي وحيد لما نزل ستوري إنستغرام سودا، بسيطة، فيها غصنين زيتون، وكلمة “OFFICIAL SELECTION – MLC Awards of Green Bay 2025” وتحتها عنوان الفيلم "Living with Grandma"، صورة سكتت العالم وصوتت حلم كان مخبىّ، لأن بهاللحظة ما كان عم يعلن مشاركة عادية، بل كان عم يبشّر بولادة مسار جديد، بمسيرة مش بس فنية، بل إنسانية، بتكسر حدود اللغة، وتدفن قيود اللهجة، وبتخلق هوية تانية لإسم رامي وحيد على الساحة العالمية.
كلشي بلّش من قرار مش طبيعي، قرار يلعب دور شخصية أميركية من أصول إيطالية، يعني مش بس يلعب بشخصية مش من بيئتو، بل ينقلب لغويًا، يتلوّن صوتيًا، يتقمص ثقافيًا، وينغمس بحياة مش تربى عليها، ولما بيحكي رامي عن هالدور بيقولها ببساطة ساحقة: "كان هذا تحديًا بالنسبة لي؛ أن أتقن اللغة الأمريكية، وهذا حتى الآن - من وجهة نظري - لم يتحقق بنسبة مائة في المائة. كل هذه محاولات أحاول أن أبذلها، حتى بعد انتهائي من تصوير الفيلم، لا أزال أحاول قدر استطاعتي"، هالكلمات بتفضح تواضع فنان كبير، ما بيخجل من النقص، بالعكس، بيعتبر النقص حافز، والعيب مش عار، بل بوصلة للنمو، فهيدا الممثل يلي نحنا متعودين عليه يحكي مصري بطلاقة، فجأة قرر يتحدى كل حواسو، كل مخارج حروفو، كل عضلة بلسانو، ليخلق نغمة صوت جديدة، أميركية الطابع، إيطالية الجذور، عربية الروح، وهيدا الجنون الفني الحقيقي، وهون تحديدًا، بتتفجّر عبقرية الممثل لما يقرر يغوص بشي ما خصو فيه من الأساس، بس يتبنّاه كأنو من لحمو ودمو.
والتحدي ما وقف على إتقان اللغة، لا، التحدي الحقيقي كان بإقناع الجمهور إنو هالشخصية يلي بيجسدها هي فعلًا أميركية–إيطالية، مش من برّا العمل، بل من قلبو، وبيكمل وبيقول: "التحدي الثاني كان أن تظهر في اللهجة الأمريكية وكأنك من أصول إيطالية، لأن الذي يتحدث الإيطالية تكون له طريقة خاصة في النطق حتى وإن تحدث بالإنجليزية الأمريكية، تمامًا كما هو الحال بالنسبة للمصري أو الهندي عندما يتحدث الإنجليزية؛ تجد لكل منهم طريقة مميزة في الحديث"، وهون بيوضح قدّيش فهمو للصوت مش بس نطق، بل هوية، لأن اللهجة مش بس وسيلة تواصل،
بل طريقة تفكير، فالمصري يلي بيحكي إنجليزي، بتحسو بعدو عم يفكر بالعربي، والهندي كمان، فكيف إذا بدك تعمل أميركي بيحكي بلكنة إيطالية؟ هيدا بده هندسة صوتية، دراسة نفسية، ووعي شامل عن كيف النَفَس ممكن يفضح الأصل، وهون العبقرية، لأن رامي ما غطّى على صوتو، بل حوّلو، شكّلو، زاد عليه طبقة من الدقّة يلي قليل جدًا الممثلين بيحكوا عنها.
وما وقف هون، لأن التحضير للشخصية أخد منو شهور من البحث، شهور من التأمل، من مشاهدة أفلام مش للمتعة بل للدراسة، وبيشرح: "شاهدت طبعًا أعمالًا لروبرت دي نيرو وآل باتشينو لأنهما من أصول إيطالية. شاهدت العديد من الأفلام لممثلين يتحدثون بلهجات مختلفة، حتى أولئك الذين يتحدثون بلهجات كولومبية، كما تابعت ممثلين من أصول إسبانية مثل خافيير باردم، الذي هو أيضًا ليس من أصول أمريكية صرفة، حتى أتعرف على طريقة نطق الأمريكيين الأصليين.
كانت هذه نقطة شديدة الأهمية بالنسبة لي"، وبهالجملة الطويلة الغنية، بتفهم إنو مش عم يحكي بس عن تقليد، ولا عن محاولة، بل عن بناء قاعدة صوتية كاملة داخل راسو، مرجع مخزون من نبرات وأصوات ولهجات، وكأنو حوّل مخو لمكتبة لغوية كاملة، عم يفتح كتاب دي نيرو، يقلب صفحة الباتشينو، يقرا سطر من باردم، ويكمل تدريب على صدى صوت، على خفّة لهجة، على انفعال منطوق.
وفيلم "Living with Grandma" ما كان بس تجربة تمثيلية، كان ساحة معركة للهوية، لأن القصة فيها ملامح من كل بيت، فيها جدة، فيها حنين، فيها غرب، وفيها شرقي عم يحاول يفهم الغربة من داخلها، مش كضيف، بل كجزء منها، وهيدا الفيلم تحديدًا فتحلو باب الترشّح بمهرجان عالمي "MLC Awards of Green Bay 2025"، وهون بيجي الإنجاز الحقيقي، مش بس لأنو تم اختياره، بل لأنو شقّ الطريق بصمت، ما عمل ضجة، ما كبّر الإنجاز بإعلام مدفوع، كل اللي عملو إنو نزل ستوري وحدة، بإيمان كبير، بنظرة فنية عميقة، وصورة بسيطة حملت وراها مئات الأيام من التحضير، آلاف الجُمل المُعادة، وساعات لا تنعد من التمرين والشك والدموع.
الناس فكّرت إنو ستوري إنستغرام هي بس وسيلة تواصل سريعة، بس رامي قلب المعادلة، خلّى الستوري تكون منصة لإعلان ثورة داخلية، بيّن للعالم إنو ممثل عربي قادر يكون عالمّي بدون ما يتخلّى عن هويتو، بدون ما يصرخ، بدون ما يعمل حملة، بس بصدق، وتعب، وتواضع، وبجملة من القلب للناس: "إذا أنا قدرت، إنت كمان فيك"،
لأن ستوريو كانت رسالة لكل ممثل، لكل فنان، لكل حالم، إنو الطريق صعب بس مش مستحيل، إنو التحوّل مش وهم، وإنو الإنجاز الحقيقي مش لما الناس تصفّق، بل لما إنت تحس إنك خطّيت خطوة جديدة خارج ذاتك القديمة.