مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة د / اميره بلال
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :ولاءهنداوي عدد المشاهدات : 149 مشاهدات
ليبيا تبحث عن رئيسها الواحد… وهل يقترب حفتر من لحظة الحسم ـ جريدة الراي.
بقلم د / أحمد عبده
في قلب الصحراء الليبية، حيث تتشابك القبائل بالسلاح، وتتشابك السياسة بمرارات السنوات، تقف ليبيا على مفترق طرق حاسم: هل آن الأوان لتولد دولة برئيس واحد يوحّد الشرق والغرب والجنوب، أم أن البلاد ستظل أسيرة الانقسام الذي صار عادة ووراثة ومصلحةً لكثيرين؟
الشارع الليبي بات منهكًا من تعدد الحكومات وفوضى الشرعيات، وبدأت تتشكل رغبة داخلية عميقة في قائد يرفع البلاد من حالة التأرجح إلى استقرار ملموس. لكن الصراع في ليبيا لا يُحسم بالرغبات وحدها؛ بل بموازين القوى، والقبول القبلي، والشرعية الدولية، وبيئةٍ إقليمية مستعدة لدفع حلٍّ ما إذا نضجت شروطه.
وفي قلب هذا المشهد يتردد اسم خليفة حفتر، الرجل الذي يمسك بشرق ليبيا بقبضة حديدية، ويملك شبكة نفوذ تمتد من الجيش والقبائل إلى تحالفات إقليمية تمنحه دعمًا قلّما يحظى به غيره. قوة حفتر الميدانية أمر ملموس، لكن القوة العسكرية وحدها لا تصنع رئيسًا لبلد ممزق بثلاثة خطوط تماس وثلاث ذاكرات سياسية لا تتفق ولا تتوافق.
فالقبول في طرابلس لا يعني القبول في بنغازي، والشرعية التي ترى فيها قبائل الشرق هي ليست نفسها التي تراها مدن الغرب. وأي مشروع رئاسي يحتاج إلى مظلة توافق واسعة، وضمانات للغرب والجنوب، واتفاق دولي محكم لا يترك مجالًا للمناورات التي أفشلت كل محاولات الاستقرار منذ 2011.
حفتر يمتلك بعض المؤشرات التي تمنحه فرصة واقعية: قوة عسكرية منظمة، دعم قبلي متماسك، علاقات إقليمية مؤثرة، ورغبة لدى بعض القوى الدولية في رؤية ليبيا مستقرة بدل دولة حدودها مفتوحة. لكن في المقابل، يواجه تحديًا حقيقيًا يتمثل في القبول الشعبي الكامل، والتوجس من سلطة عسكرية تُفرض بأدوات سياسية، وخشية الغرب الليبي من اختلال ميزان القوة لصالح الشرق.
الانتخابات المقررة في ليبيا – إن جرت وفق صفقة واضحة وضمانات قوية – قد تكون البوابة التي تدخل منها البلاد إلى مرحلة الرئيس الواحد. وحينها، قد يجد حفتر نفسه أمام فرصة تاريخية إذا استطاع تحويل نفوذه العسكري إلى توافق سياسي، وفتح باب المصالحة بدل الاكتفاء بما يملكه من قوة.
لكن ليبيا، كما علمتنا، لا تخضع لسيناريو واحد. فربما تولد تسوية مختلفة، أو يظهر مرشح توافقي من خارج المعادلة التقليدية، أو يستمر المشهد كما هو؛ موزعًا مثل رمالها، لا يُمسك بها أحد.
ومهما تفرقت الاحتمالات، يظل السؤال معلّقًا في فضاء ليبيا:
هل تقترب البلاد من لحظة الرئيس الواحد… أم أن الرياح ستدفع الرمال من جديد، فتتشكل خارطة أخرى؟
وفي النهاية، يبقى الأمل هو الحقيقة الوحيدة التي لا تتغير…
لأن الوطن لا يُبنى بقوة السلاح، بل بتلاقي القلوب حين تتفق.