مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة د / اميره بلال
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :ولاءهنداوي عدد المشاهدات : 255 مشاهدات
حين يختار الإنسان الوقوف: أحمد الأحمد في لحظة القرار ـ جريدة الراي.
بقلم د/ احمد عبده
لم يبدأ الحكاية بالرصاص، بل برجل يقف وحده حيث تتشابك اللحظات بين الخطر والقرار. أحمد الأحمد لم يكن عنوانًا في الأخبار، ولم تفتحه العناوين الرئيسية، ومع ذلك، كان هو القلب النابض في تلك اللحظة الحرجة. وقف في مواجهة لحظة يمكن أن تتبدل فيها الحياة إلى ما لا يُحتمل، وتحرك بخطوة واحدة نحو المجهول، ليخفف من وطأة الخطر وينقذ أرواحًا ربما كانت على حافة الموت.
في مساء شاطئ بوندي بمدينة سيدني، وقع حادث إرهابي أودى بحياة عدد من المدنيين وأصاب آخرين، وأحدث ذعرًا لم يعرف له المكان مثيلًا. لم يكن هناك تنظيم خلف الفعل، ولا مخطط أوسع، بل لحظة عنف فردية تركت أثرها الكبير. وفي خضم هذا الصمت، يظل سؤال إنساني جوهري: كيف يمكن للفرد، العادي، أن يواجه الفوضى ويختار أن يقف؟
أحمد الأحمد لم يحمل سلاحًا، ولم يسعَ للضجيج، ولم يبحث عن شهرة. فعل ما يفعله الإنسان حين تتجرد الإنسانية من كل شعارات القوة والخوف: قرر أن يقف في صف الحياة، أن يختار العمل بدل المراقبة، وأن تكون لحظة شجاعته حقيقية قبل أي تحليل أو تقييم. وهنا يكمن العمق: البطولة ليست في الصوت العالي، ولا في الأضواء، بل في الهدوء الذي يسبق القرار، وفي اللحظة التي يُختبر فيها الضمير والضمير وحده.
الحادث، بكل أهواله، يذكرنا أن الإرهاب لم يعد مرتبطًا بالمنظمات وحدها، وأن لحظة الفرد، حين يتحرك، قد تكون أقوى من كل الخطط، وأبلغ من كل التحليلات. وفي مواجهة الرصاص والفوضى، تظل شجاعة أحمد الأحمد صامتة، لكنها حاضرة، كتذكير بأن الإنسان، حين يختار الحق في أبسط صوره، قادر على قلب اللحظة بأكملها.
وفي نهاية الأمر، تبقى الحقيقة أهدأ من الضجيج، وأعمق من العناوين، وأقوى من كل ما يُرى على السطح: أن الشجاعة الإنسانية، في أبسط مظاهرها، هي التي تصنع الفرق، وأن الضوء الحقيقي لا يحتاج أن يُعلن ليضيء الطريق.