مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 169 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء العاشر مع إنعدام الأخلاق، وقال ابن كثير، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن يزيد بن ركانة صارع النبي صلى الله عليه وسلم فصرعه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، كل مرة على مائة من الغنم فلما كان في الثالثة قال يا محمد، ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك، وما كان أحد أبغض إليّ منك، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وردّ عليه غنمه" ولقد كانت شجاعة وقوة نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أمرا ظاهرا في حياته وسيرته، فيقول القاضي عياض "أما الشجاعة والنجدة، فالشجاعة فضيلة قوة الغضب وانقيادها للعقل.
والنجدة ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت حيث يحمد فعلها دون خوف، وكان صلى الله عليه وسلم منهما بالمكان الذي لا يُجهل، قد حضر المواقف الصعبة وفرّ الكماة أى الفرسان الشجعان، والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت لا يبرح، ومُقبِل لا يُدبر ولا يتزحزح، وما شجاع إلا وقد أحيطت له فرة وحفظت عنه جولة، سواه "غيره صلى الله عليه وسلم" ومع هذه الشجاعة البالغة، والقوة العظيمة التي كان يتحلى بها صلى الله عليه وسلم، إلا أنها لم تكن أبدا شجاعة وقوة بطش إلا في مواطن قتال الأعداء والجهاد في سبيل الله، فمن الثابت والمعروف عنه صلى الله عليه وسلم أنه لم يضرب امرأة ولا خادما أبدا، ولم ينتقم لنفسه قط.
فعن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت " وما انتقم صلى الله عليه وسلم لنفسه قط، إلا أن تنتهك حرمة الله فينتقم لله تعالى" رواه البخاري، وفي رواية لمسلم قالت السيدة عائشة رضي الله عنها " ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئا قط، إلا أن يجاهد في سبيل الله" ومن ثم فقد كانت أخلاق نبينا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم مضرب المثل والقدوة، فهو شجاع في موطن الشجاعة، قوي في موطن القوة، عفو في موطن العفو، رحيم رفيق في موطن الرحمة والرفق، فصلوات الله وسلامه عليه، وقد قال الله تعالى عنه " وإنك لعلى خلق عظيم" ولقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب أهمية الخلق.
بالرغم من أنه ليس أهم شيء بعث النبى صلى الله عليه وسلم من أجله فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيره أهم منه، فإن قال قائل ما وجه أهمية الخلق حتى يقدم على العقيدة والعبادة؟ فإن الجواب هو إن الخلق هو أبرز ما يراه الناس، ويدركونه من سائر أعمال الإسلام فالناس لا يرون عقيدة الشخص لأن محلها القلب، كما لا يرون كل عباداته، لكنهم يرون أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها لذا فإنهم سيقيمون دينه بِناء على تعامله، فيحكمون على صحته من عدمه عن طريق خلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله، وقد حدثنا التاريخ أن الشرق الأقصى ممثلا اليوم في إندونيسيا والملايو والفلبين وماليزيا.
لم يعتنق أهلها الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاق التجار وسلوكهم، من أهل حضرموت وعمان وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة، وتشكل الأخلاق أهمية كبيرة في الإسلام، فهي بمثابة الجانب المعنوي والروحي للحضارة الإسلامية، وهي الأساس والركيزة التي ترتكز عليها أية حضارة من الحضارات، حيث تحفظ سر بقائها، وصمودها على مدى التاريخ، ويؤدي غياب الأخلاق إلى زوال الدفء المعنوي لدى الإنسان، أي زوال روح الحياة والوجود، ويجدر بالذكر هنا أن الأخلاق والقيم الإسلامية لم تكن نتيجة التطور الفكرى عبر العصور، وإنما هي وحي من عند الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ومصدرها التشريع الإسلامي.