المجالس العرفية ودورها الحيوي في التحكيم بين الناس

بتاريخ :الثلاثاء 23 نوفمبر 2021

الناشر :شريف   عدد المشاهدات : 452 مشاهدات

كتب : وائل عباس
استوقفنا تسلسل المقالات سابقا عند المجالس العرفية ؛ وكنا قد سردنا تفصيلا . قد لا يكون المجمل ولكنه قد ألقى الضوء عن الثأر كمرض عضال فى المجتمع المصرى وخاصة في صعيد مصر .
وتعتبر المجالس العرفية أحد أنواع تطبيق القانون على أرض الواقع ؛ التى أثبتت فاعليتها فى الفصل بين أصعب القضايا الثأرية وأنهاء الخصومات التى امدت عبر عشرات السنين ؛ 
والمجالس العرفية تتكون من ذوى الرأى والحكمة الذين يتمتعون بالمصداقية والاحترام من شيوخ القبائل ؛ والقيادات الشعبية والتنفيذية ؛ أصحاب الكلمة المسموعة فى الحق ؛ والذين خصصهم الله عز وجل للسعى بالخير والأصلاح بين الناس ؛ وهذا الأمر ليس بالسهل الهين ولا يتمتع به الكثير من الناس ؛ فقد ترأى أحد أغنياء العائلات واكابرها ولكن لا يسمع له رأى ولا تتبع له مشورة ؛ وقد يكون أحد هؤلاء من متوسطى المعيشة ولكنه له كل القبول والاحترام ؛ ويلجأ له غالب الناس للأستعانة به فى حل مثل تلك المنازعات .
والجلسات العرفية لا تتعارض مع تنفيذ أحكام القانون ؛ بل تتماشى معه بالتوازي رغم رمزيتها ؛ فالقضاء يحكم بما لديه من الأوراق وينتهى بالعقوبة سواء السجن أو القصاص للمقتول ؛ أما المجالس العرفية فهى تقوم بالاصلاح بين أطراف الخصومة لوأد الفتنة وأستئصال أسباب الخلاف التى أدت إلى الجرائم التي تصل إلى حد القتل .
وتتمتع المجالس العرفية بالشفافية والوضوح وتقوم كل الأطراف بطرح أسباب الخلاف كاملة أمام المحكمين ؛ وهذا ما لا يطرح ولا يناقش فى المحاكم ؛ لذا نقول إن دور المجالس العرفية هو دور أساسى مكمل لدور الدولة في إقامة السلم المجتمعى .
كما أن المجالس العرفية تقوم بأنهاء خلافات التى إن لم يطرح لها حل فى وقتها فقد تتفاقم وتؤدى إلى كوارث إجرامية خطيرة . ( فمعظم النار من مستصغر الشرر ) .
وتقوم تلك المجالس العرفية بكتابة أحكامها وتسجيل جلساتها كتابة ؛ ويتم توثيق الأحكام فى الشهر العقارى ؛ ومن يخالف تلك الأحكام تقع عليه عقوبات مغلظة وغرامات مالية كبيرة .
وتتنوع احكام تلك المجالس ما بين العفو والغرامات المالية وتنتهى بالدية والكفن .
وتبدء تلك المجالس بالزيارات بين أطراف الخصومة والمنازعات ؛ والحث على السعى بالخير لإقامة التصالح لوجه الله واستئصال اسباب الخصومات ؛ ثم عقد الجلسات ؛ ثم إصدار الأحكام المرضية التي اتفق عليها طرفى الخصومة ولجنة فض المنازعات والتى تنتهى بدفع الديات وتقديم الاكفان فى جرائم القتل .
ومن هنا كان لتلك اللجان الدور المحوري المكمل لدور الدولة في الفصل بين الناس .
وسنسرد فى المقال القادم عن أحدى اهم تلك الخصومات التى تحركت اللجان بمساعى الخير فيها حتى نجحت في فض النزاع وإنهاء الخصومة بين أحد أكبر وأهم العائلات فى أحدى المحافظات المهمة والحيوية فى صعيد مصر .
وللحديث بقية 

هذا من وجهة نظر الكاتب

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية