الإمام إبن سعد |جريدة الراي

بتاريخ :الثلاثاء 29 مارس 2022

الناشر :شريف   عدد المشاهدات : 129 مشاهدات


بقلم / محمـــد الدكـــروري  

الإمام إبن سعد هو ابن منيع  الحافظ العلامة الحجة أبو عبد الله البغدادي، كاتب الواقدي  ومصنف الطبقات الكبير في بضعة عشر مجلدا والطبقات الصغير، وطلب العلم في صباه ولحق الكبار وكان من أوعية العلم ومن نظر في الطبقات خضع لعلمه، هو محمد بن سعد بن منيع، وهو مولى لبني هاشم، ومنهم تلميذاه ابن أبي الدنيا والبلاذري، وفسّر هذا الولاء تلميذه الحسين بن الفهم، فقال " هو مولى الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب " ولا يعني هذا أنه هو نفسه مولى الحسين بن عبد الله، فقد يكون جدّه، وربما أبوه لأن هذا الفرع من البيت العباسي قد انقرض بموت الحسين ابن عبد الله، فقد توفي الحسين في سنة مائة وأربعين من الهجرة، ولم يخلف بعده سوى ابنه عبد الله ومات ولم يعقب، ويشار إليه بأنه زهري، نسبة إلى زهرة بن كلاب من قريش.

وهذا الاضطراب في نسبته يجعلنا في حيرة من ولائه بين بني هاشم وبني زهرة، والراجح هو الأول لأن من نسبه إلى ذلك هم تلامذته، وهم أعرف الناس به، ويُحتمل أنه انتسب إلى بني زهرة، ثم إلى بني هاشم أو العكس، ويكنى بأبي عبد الله، وهذه الكنية لا تدل على أنه تزوج ورزق ولدا سماه عبد الله، لا سيما أنه لا يوجد ما يشير إلى أسرته وعائلته في جميع المصادر التي ترجمت له، ويُعرف ابن سعد بكاتب الواقدي، وصاحب الواقدي، والأول أكثر استعمالا، وقد يكتفي بعضهم بلفظ الكاتب، وانفرد السمعاني بقوله ويعرف بغلام الواقدي، ولقب بذلك نظرا لملازمته لشيخه محمد بن عمر الواقدي، وقد ولد محمد بن سعد بالبصرة، ولم يوجد من نص على تاريخ ولادته من المتقدمين، أما الذهبي فقال" وُلد بعد الستين ومائة، فقيل مولده سنة ثمان وستين" 

وهذا استنتاج من الذهبي فهمه من تاريخ وفاة ابن سعد، فقد ذكروا أنه توفي سنة ثلاثين ومائتين، ومن المدة التي عاشها، حيث نص تلميذه الحسين بن الفهم على أنه مات عن اثنتين وستين سنة، ولم يوجد شئ في مصادر ترجمته مما يتعلق بنشأته وأسرته، وكيف كانت بدايته لطلب العلم، والذي يظهر أن والده لم يكن من أصحاب الجاه، ولا من أرباب الرواية، إذ لو كان كذلك لعرّف به ابنه، فقد خصص جزءا كبيرا من كتاب الطبقات للتعريف بالعلماء من محدثين وفقهاء، ولو كان من أصحـاب الجاه والنفوذ لكان له ذكر في كتب التراجم، ومن خلال أسانيد ابن سعد ومصادره في كتاب الطبقات يتبين أنه تحمل عن بعض الشيوخ البصريين من أهل بلده في نشأته الأولى بالبصرة، ومن أقدم هؤلاء وفاة هو عبد الله بن بكر السهمي ثم إسماعيل بن علية، مما يدل على تبكيره في طلب العلم.

ولذا قال الذهبي في السير "طلب العلم في صباه ولحق الكبار " وكان من أبرز شيوخه البصريين أيضا هو عارم بن الفضل، وعفان بن مسلم وأبو الوليد الطيالسي، ثم انتقل ابن سعد إلى بغداد عاصمة الخلافة العباسية، أكبر المراكز العلمية آنذاك، ومحط أنظار العلماء، ونقطة التقائهم من مختلف أنحاء البلاد الإسلامية، فسمع بها عن جمع من المحدثين من المقيمين بها أو الواردين عليها، وبها اتصل بشيخه الواقدي، ولزمه ملازمة شديدة وكتب عنه، حتى عُرف به، ونسب إليه، وكانت بغداد في هذه الفترة تزخر بجملة من خيرة العلماء، وفحولهم، أمثال هشيم بن بشير وإسماعيل بن علية وهما من شيوخه، ومن الفقهاء هو القاضي أبو يوسف ومن النحويين هو سيبويه ومن القراء هو يعقوب بن إسحاق الحضرمي، ومن أصحاب السيرة والمغازي هو عبد الملك بن هشام. 

ومن النسابين مصعب بن عبد الله الزبيري وغيرهم كثير، وتنقل ابن سعد في طلب العلم بين أشهر المراكز العلمية في عصره، فمن البصرة حيث كانت نشأته الأولى، إلى بغداد التي أخذت من عمره الوقت الكثير، يدل على ذلك ملازمته لشيخه الواقدي الذي قدم بغداد سنة ثمانين ومائة، واستقر بها حتى وافاه الأجل، ورحل ابن سعد أيضا إلى المدينة المنورة، ومكة المكرمة، والكوفة، ولم تكشف مصادر ترجمته عن الترتيب الزمني لهذه الرحلات، ولا عن تاريخ كل منها، إلا ما ذكره ابن سعد في الطبقات في ترجمة أبي علقمة عبد الله بن محمد الفروي، حيث قال"وكان قد لقي نافعا وسعيد بن أبي سعيد المقبري، ولكنه عاش طويلا حتى لقيناه سنة تسع وثمانين ومائة بالمدينة المنورة " وكانت وفاة الفروي سنة مائة وتسعون للهجرة، ومن شيوخه المدنيين معن بن عيسى القزاز، وأنس بن عياض الليثي ومحمد بن أبي فديك وأبي بكر بن أبي أويس الأصبحي وغيرهم.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية