مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 125 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن ليلة القدر هى من نفحات الدهر التى يتفضل الله تعالى بها على عباده، فيغدق عليهم من فضله ورحمته وبركته فى هذه الليلة أضعافا مضاعفة عما يحدث طوال العام لذا يشمر لها المشمرون، وينتظرها العارفون، لينهلوا من هذا الفيض الرباني ما استطاعوا، وإن القدر في اللغة اسم مصدر من قدر الشيء يقدره تقديرا، وقيل إنه مصدر من قدر يقدر قدرا، عبارة عما قضاه الله وحكم به من الأمور، وقيل هو كون الشيء مساويا لغيره من غير زيادة ولا نقصان، وقدّر الله هذا الأمر بقدره قدرا، إذ جعله على مقدار ما تدعو إليه الحكمة، أما في الشرع فهو ما يقدره الله من القضاء ويحكم به من الأمور، ولقد سميت ليلة القدر من القدر وهو الشرف كما نقول فلان ذو قدر عظيم أي ذو شرف، وأنه يقدر فيها ما يكون في تلك السنة، فيكتب فيها ما سيجري في ذلك العام، وهذا من حكمة الله عز وجل وبيان إتقان صنعه وخلقه.
ومعنى القدر هو التعظيم أي أنها ليلة ذات قدر، لهذه الخصائص التي اختصت بها، أو أن الذى يحييها يصير ذا قدر وقيل القدر التضييق، ومعنى التضييق فيها هو إخفاؤها عن العلم بتعيينها، وقال الخليل بن أحمد إنما سميت ليلة القدر لإن الأرض تضيق بالملائكة لكثرتهم فيها تلك الليلة، من القدر، وهو التضييق، فقال تعالى "وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه" أى بمعنى ضيق عليه رزقه، وقيل أن القدر بمعنى القدَر، بفتح الدال وذلك أنه يُقدّر فيها أحكام السنة كما قال تعالى "فيها يفرق كل أمر حكيم" ولأن المقادير تقدر وتكتب فيها، وقد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا، ومنها أنها في جميع ليالي رمضان، ومنها أنها أول ليلة من رمضان، وأنها ليلة النصف، وأنها ليلة إحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع وعشرين وغير ذلك من الأقوال، ولقد قال سلفنا رضي الله عنهم أنه أخفى الرب أمورا في أمور لحكم.
وهى أنه تعالى أخفي ليلة القدر في الليالي ليحيى جميعها، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة ليدعى في جميعها، وأخفى الصلاة الوسطى في الصلوات ليحافظ على الكل، وأخفي الاسم الأعظم في أسمائه ليدعى بالجميع، وأخفى رضاه في طاعته ليحرص العبد على جميع الطاعات، وأخفى غضبه فى معاصيه، لينزجر عن الكل، وأخفي أجل الانسان عنه ليكون على استعداد دائما، والراجح في ليلة القدر أنها في العشر الأواخر من رمضان فعن السيدة عائشةَ رضي الله عنهما قالت كان رسول الله يجاور في العشر الأواخر من رمضان، ويقول " تحرّوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان" وعنها رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تحرّوا ليلةَ القدر في الوتر من العشر الأواخر من شهر رمضان" ولا شك أن الحكمةَ في إخفاء ليلة القدر أن يحصل الاجتهاد في التماسها وطلبها.
وليلة القدر هي ليلة مميزة تتكرر كل عام هجرى فى شهر رمضان المبارك، فهي أحد ليالي العشر الأواخر من شهر رمضان، وقد جاء ذكرها في القرآن الكريم وفى سيرة النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، لذلك فهى ذات أهمية وخصوصية كبيرة عند المسلمين، فالقرآن نزل في هذه الليلة، ولليلة فضل عظيم، وثبت بالسنة النبوية الشريفه الحث على تحرّى هذه الليلة فى العشر الأواخر، خصوصا فى الليالى الفردية منها، وأن الله عظم أمر ليلة القدر فقال تعالى " وما أدراك ما ليلة القدر" أى أن لليلة القدر شأنا عظيما، وبين أنها خير من ألف شهر فقال تعالى " ليلة القدر خير من ألف " أى أن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله خيرا من العمل في ألف شهر، ومن حصل له رؤية شيء من علامات ليلة القدر يقظة فقد حصل له رؤيتها.
ومن أكثر علماتها لا يظهر إلا بعد أن تمضي، مثل أن تظهر الشمس صبيحتها لا شعاع لها، أو حمراء، أو أن ليلتها تكون معتدلة ليست باردة ولا حارة، ومن اجتهد في القيام والطاعة وصادف تلك الليلة نال من عظيم بركاتها فضل ثواب العبادة تلك الليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدَّم من ذنبه" رواه البخارى، وقيام ليلة القدر يحصل بالصلاة فيها إن كان عدد الركعات قليلا أو كثيرا، وإطالة الصلاة بالقراءة أفضل من تكثير السجود مع تقليل القراءة، ومن يسَّر الله له أن يدعو بدعوة في وقت ساعة رؤيتها كان ذلك علامة الإجابة، فكم من أناس سعدوا من حصول مطالبهم، التي دعوا الله بها في هذه الليلة ثم قال الله تعالى "تنزل الملائكة والروح فيها يإذن ربهم من كل أمر".