الإمام الليث بن سعد |جريدة الراي

بتاريخ :الاثنين 16 مايو 2022

الناشر :شريف   عدد المشاهدات : 166 مشاهدات


بقلم / محمـــد الدكـــروري 

الإمام الليث بن سعد هو شيخ الإسلام الإمام الحافظ العالم أبو الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن الفهمي القلقشندي، هو فقيه ومحدث وإمام أهل مصر في زمانه، وصاحب أحد المذاهب الإسلامية المندثرة، ووُلد الإمام الليث بن سعد في قرية قلقشندة بمركز طوخ بمحافظة القليوبية بدلتا مصر، من أسفل أعمال مصر، وأسرته أصلها فارسي من أصبهان، وكان أحد أشهر الفقهاء في زمانه، حيث فاق في علمه وفقهه إمام المدينة المنورة مالك بن أنس، غير أن تلامذته لم يقوموا بتدوين علمه وفقهه ونشره في الآفاق، مثلما فعل تلامذة الإمام مالك، وكان الإمام الشافعي يقول الليث أفقه من مالك إلا أن أصحابة لم يقوموا به، بلغ مبلغا عاليا من العلم والفقة الشرعي بحيث إن متولي مصر، وقاضيها، وناظرها كانوا يرجعون إِلى رأيه ومشورته، وإن لكل أمة من أمم الارض علماء في شتى المجالات الدينية والدنيوية. 

ويكونون محل تقدير واحترام تلك الأمم لدورهم في بناء مجتمعاتهم دينيا وفكريا وثقافيا، والأمة الأسلامية مثل باقي الأمم لها علماء مسلمون أرسوا دعائم العلوم الدينية والدنيوية وكانوا منارات هداية ليس للعرب والمسلمينن فقط بل للعالم أجمع، وهؤلاء العلماء ساهموا في بناء حضارة إسلامية في بغداد والقاهرة ودمشق والقيروان والأندلس وغيرها، تلك الحضارة التي علمت العالم أجمع وقت أن كان ظلام الجهل يلف أوروبا في القرون الوسطى غير أن بعض هؤلاء العلماء لم يتركوا أثرا كبيرا لعلومهم لأسباب شتى، ومن بينهم الإمام العالم الليث بن سعد، وهو أحد أشهر الفقهاء في زمانه، وكما عرف بأنه كان كثير الاتصال بمجالس العلم، بحيث قال ابن بكير سمعت الليث يقول سمعت بمكة سنة ثلاث عشرة ومائة من الزهري، وأنا ابن عشرين سنة، ومما كان يتميز به الإمام الليث أنه كان ذا ثروة كثيرة.

ولعل مصدرها الأراضي التي كان يملكها، لكنه كان رغم ذلك زاهدا وفق ما نقله معاصروه، فكان يطعم الناس في الشتاء الهرائس بعسل النحل وسمن البقر، وفي الصيف سويق اللوز في السكر، أما هو فكان يأكل الخبز والزيت، وقيل في سيرته أنه لم تجب عليه زكاة قط لأنه كان كريما يعطي الفقراء في أيام السنة فلا ينقضي الحول عنه حتى ينفقها ويتصدق بها، ولم تفصل كتب السير والتراجم الكثير حول سيرة الليث بن سعد وحياته أكثر من أن أبا الحارث الليث بن سعد بن عبد الرحمن بن عقبة قد ولد في قلقشندة في دلتا مصر في شعبان سنة أربعة وتسعين من الهجرة، لأسرة من الفرس من أصبهان من موالى خالد بن ثابت بن ظاعن الفهمي، لذا ينسب الليث إلى بنو فهم بالولاء، وقد تلقّى الليث العلم على أيدى تابعي مصر، ثم رحل عن مصر وهو في العشرين إلى مكة للحج سنة مائى وثلاثة عشر، فسمع من علماء الحجاز. 

ثم عاد إلى مصر وقد علا ذكره، وجلس للفتيا حتى استقل بالفتوى في زمانه، وعظمه أهل مصر حتى أن ولاة مصر وقضاتها كانوا يرجعون إلى رأيه ومشورته، بل وتولى قضاء مصر في ولاية حوثرة بن سهل في خلافة مروان بن محمد، كما عرض أبو جعفر المنصور عليه ولاية مصر، فاعتذر، ولقد علت منزلة الليث بن سعد في زمنه حتى استقل بالفتوى في زمانه، كما أثنى عليه الكثير من علماء أهل السنة والجماعة، فتناقلت كتب التراجم والسير أقوالهم في حق الليث بن سعد، فهذا يحيى بن بكير يقول ما رأيت أحدا أكمل من الليث، وقال أيضا كان الليث فقيه البدن، عربي اللسان، يحسن القرآن والنحو، ويحفظ الحديث والشعر، حسن المذاكرة، وقال عنه أحمد بن حنبل الليث ثقة ثبت، وقال العجلي والنسائي الليث ثقة، وقال ابن خراش صدوق صحيح الحديث، وقال الشافعي الليث أفقه من مالك، إلا أن أصحابه لم يقوموا به. 

كما كان لليث بن سعد علاقات طيبة بعلماء عصره، فكان يتبادل معهم المراسلات ويصلهم بالمال وخاصة مالك بن أنس، وكان لليث بن سعد أيضا منزلته في علم الحديث، وتعد رواياته عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة بنت أبي بكر وعن عبد الله بن أبي مليكة عن عبد الله بن عباس وعن نافع مولى ابن عمر عن عبد الله بن عمر وعن المقبري عن أبي هريرة من أعلى روايات الحديث النبوي إسنادا، وسمع الليث بن سعد من عطاء بن أبي رباح وعبد الله بن أبي مليكة وسعيد بن أبي سعيد المقبري وابن شهاب الزهري وأبا الزبير المكي ومشرح بن هاعان وأبا قبيل المعافري ويزيد بن أبي حبيب وجعفر بن ربيعة وعبيد الله بن أبي جعفر وبكير بن عبد الله بن الأشج وعبد الرحمن بن القاسم والحارث بن يعقوب وأبا السمح دراج وعقيل بن خالد ويونس بن يزيد وحكيم بن عبد الله بن قيس وعامر بن يحيى المعافري.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية