مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 685 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الإمام الحيري هو الشيخ الإمام المحدث الواعظ القدوة، شيخ الإسلام الأستاذ أبو عثمان سعيد بن إسماعيل بن سعيد بن منصور الحيري النيسابوري وهو أحد علماء أهل السنة والجماعة ومن محدّثيهم ومن أعلام التصوف السني في القرن الثالث الهجري، وصاحب كتاب السنن في الأحاديث النبوية، وولد الإمام الحيري سنة مائتان وثلاثين من الهجرة، في مدينة الري، وصحب يحيى بن معاذ الرازي، وشاه بن شجاع الكرماني، ثم رحل إلى نيسابور إلى أبي حفص النيسابوري وصحبه وأخذ عنه طريقته في التصوف، وقال عنه أبو عبد الرحمن السلمي هو في وقته من أوحد المشايخ في سيرته، ومنه انتشر طريقة التصوف بنيسابور، وقال عنه الذهبي هو الشيخ الإمام المحدّث الواعظ القدوة، شيخ الإسلام، وهو للخراسانيين نظير الجنيد للعراقيين، وقال عنه الحاكم النيسابوري لم يختلف مشايخنا أن أبا عثمان كان مجاب الدعوة، وكان مجمع العباد والزهاد.
وقال لأبي جعفر بن حمدان ألستم ترون أن عند ذكر الصالحين تنزل الرحمة؟ قال بلى، قال فرسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الصالحين، وسمع الإمام الحيري في الري وهو مكان ولادته، من محمد بن مقاتل الرازي، وموسى بن نصر، وبالعراق من حميد بن الربيع، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي وعدة، ولم يزل يطلب الحديث ويكتبه إلى آخر شيء، وحدث عنه الرئيس أبو عمرو أحمد بن نصر، وابناه أبو بكر وأبو الحسن، وأبو عمرو بن مطر، وإسماعيل بن نجيد، وغيرهم، ومن أقوال الإمام الحيري، أن صلاح القلب في أربع خصال، في التواضع لله، والفقر إلى الله، والخوف من الله، والرجاء في الله، وسرورك بالدنيا أذهب سرورك بالله من قلبك، وخوفك من غيره أذهب خوفك منه عن قلبك؛ ورجاؤك من دونه أذهب رجاءك إياه من قلبك، والتفويض رد ما جهلت علمه إلى عالمه، والتفويض مقدمة الرضا، والرضا باب الله الأعظم.
ولا يكمل الرجل حتى يستوي قلبه في المنع والعطاء، وفي العز والذل، وأنت في سجن ما تبعت مرادك وشهواتك، فإذا فوضت وسلمت استرحت، وقال الحاكم قدم نيسابور لصحبة الأستاذ أبي حفص النيسابوري ولم يختلف مشايخنا أن أبا عثمان كان مجاب الدعوة وكان مجمع العباد والزهاد ولم يزل يسمع ويجل العلماء ويعظمهم، وسمع من أبي جعفر بن حمدان، صحيحه، المخرج على الإمام مسلم بلفظه وكان إذا بلغ سنة لم يستعملها وقف عندها حتى يستعملها، قلت هو للخراسانيين نظير الجنيد للعراقيين، وقال ابن نجيد سمعته يقول لا تثقن بمودة من لا يحبك إلا معصوما، وقال أبو عمرو بن حمدان سمعته يقول من أمر السنة على نفسه قولا وفعلا نطق بالحكمة ومن أمر الهوى على نفسه نطق بالبدعة، قال تعالى "وإن تطيعوه تهتدوا" قلت وقال تعالى "ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله" وعن أبي عثمان الحيري قال لا يكمل الرجل حتى يستوي قلبه في المنع والعطاء.
وفي العز والذل، وقال الحاكم أخبرني سعيد بن عثمان السمرقندي العابد أنه سمع أبا عثمان يقول يعني عن الله تعالي "من طلب جواري ولم يوطن نفسه على ثلاث، أولها إلقاء العز، وحمل الذل، والثاني سكون قلبه على جوع ثلاثة أيام، والثالث لا يغتم ولا يهتم إلا لدينه أو طلب إصلاح دينه" وعن الحاكم قال سمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول لما قتل يحيى بن الذهلي منع الناس من حضور مجالس الحديث من جهة أحمد الخجستاني فلم يجسر أحد يحمل محبرة إلى أن ورد السري بن خزيمة فقام الزاهد أبو عثمان الحيري وجمع المحدثين في مسجده وعلق بيده محبرة وتقدمهم إلى أن جاء إلى خان محمش فأخرج السري وأجلس المستملي فحزرنا مجلسه زيادة على ألف محبرة فلما فرغ قاموا وقبلوا رأس أبي عثمان ونثر الناس عليهم الدراهم والسكر سنة ثلاث وسبعين ومائتين، وكما ذكر الحاكم أخبار أبي عثمان في خمس وعشرين ورقة.
وفي غضون ذلك من كلامه في التوكل واليقين والرضى، وقال الحاكم وسمعت أبي يقول لما قتل أحمد بن عبد الله الخجستاني الذي استولى على البلاد الإمام حيكان بن الذهلي أخذ في الظلم والعسف وأمر بحربة ركزت على رأس المربعة وجمع الأعيان وحلف إن لم يصبوا الدراهم حتى يغيب رأس الحربة فقد أحلوا دماءهم فكانوا يقتسمون الغرامة بينهم فخص تاجر بثلاثين ألف درهم فلم يكن يقدر إلا على ثلاثة آلاف درهم فحملها إلى أبي عثمان وقال أيها الشيخ قد حلف هذا كما بلغك ووالله لا أهتدي إلا إلي هذه، قال تأذن لي أن أفعل فيها ما ينفعك ؟ قال نعم، ففرقها أبو عثمان وقال للتاجر امكث عندي وما زال أبو عثمان يتردد بين السكة والمسجد ليلته حتى أصبح وأذن المؤذن ثم قال لخادمه اذهب إلي السوق وانظر ماذا تسمع فذهب ورجع فقال لم أري شيئا قال اذهب مرة أخرى وهو في مناجاته يقول وحقك لا أقمت ما لم تفرج عن المكروبين.
قال فأتى خادمه الفرغاني يقول وكفى الله المؤمنين القتال، شق بطن أحمد بن عبد الله فأخذ أبو عثمان في الإقامة، قلت بمثل هذا يعظم مشايخ الوقت، وقال أبو الحسين أحمد بن أبي عثمان توفي أبي لعشر بقين من ربيع الآخر ، سنة ثمان وتسعين ومائتين وصلى عليه الأمير أبو صالح، وهكذا كانت النهاية فتوفي الإمام الحيري أبو عثمان في نيسابور، في اليوم العاشر من شهر ربيع الثاني سنة مائتان وثماني وتسعين من الهجرة.