مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :شريف عدد المشاهدات : 144 مشاهدات
بقلم / محمـــد الدكـــروري
وقد قال صلى الله عليه وسلم "أفضل الحج العج والثجو" والعج هو رفع الصوت بالتلبية، والثج هو انهار الدماء بنحر الهدي والأضاحي، وليذكر الحاج الرفقة الطيبة، والنفقة الحلال، يتذكر لا رفث ولا فسوق، ولا معاصي، ولا جدال بالباطل، وصغيرك إذا أحرمت به يلزمه ما يلزم الكبير، فإذا خشيت من عدم إتمام نسكه لشدة الزحام فلا تحرم عنه، ولا تصح النيابة في أي عمل في الحج إلا الرمي فلا يطوف أحد عن أحد، ولا يسعى أحد عن أحد، ولا يقف بعرفة أحد عن أحد، وهكذا، ومن لم يجد في منى مكانا إلا بكلفة زائدة، أو منة من الغير فلا يجب عليه المبيت، وقد أفتى علماءنا الثقات بأن الشرع لا يوجب على الإنسان أن يبقى على الرصيف، ويتورط في قضاء حاجته، فإن الشريعة جاءت بما يحفظ كرامة العباد، لا بما يمتهنها، فإذا لم يجد فلا حرج عليه، فإذا وجد بات بمنى أكثر من نصف الليل، والسنة أن يبيت الليل في منى هذا في أيام منى.
وإن الله تعالى قد جعل البيت مثابة للناس وأمنا، فإذا جعله الله آمنا شرعا لابد أن يكون آمنا، وقدرا في أغلب أحواله، والغالب منطبق ولله الحمد عبر كر العصور، والدهور، فيجب على العباد أن يحفظوا أمن البيت، وما حول البيت، إنها نعمة، ولذلك إعانة كل من يحفظ الأمن عبادة، فرجال الأمن الذين يحافظون على الأمن في حج الناس، وعبادة الناس تلزم إعانتهم فيما فيه تحقيق حفظ الأمن، فيجب إعانة رجال الأمن على حفظ الأمن، وبعض من لا دين له يدخل بين الحجاج ليسرقهم، وبعض من لا يخاف الله يدخل بين حريم الحجاج لإيذائهم، وهذه جريمة أيضا من أعظم الجرائم، فإن الجريمة تعظم إذا فعلت في المكان الفاضل، والزمان الفاضل، ولذلك لا يجوز الإخلال بالأمن، ومن هذا ما يفعله بعض الحمقى والجهلة من القيام بمظاهرات أثناء الحج تعطل مسيرة الحجاج، وينتظر أولئك فيحبسون عن إكمال نسكهم، وطوافهم لأجل هؤلاء الحمقى، والجهلة.
والمشركين الذين يريدون أن يهتفوا بشعاراتهم، ويعطلوا عبادة الناس، ولذلك فلابد من التعاون لإنجاح الحج، وهذه مسئولية عظيمة، وكذلك فلابد من حفظ الحج من المعاصي، فتبرج النساء، وأصوات الموسيقى، ونحو ذلك من الأمور، وقد يعمد بعض الحجاج إلى التوسل بالقبور، وزيارة المشاهد بزعمهم، وكذلك التمسح بالأحجار ونحوها، وهذا من ألوان الشرك الكثيرة، والبدع المنتشرة في الأمة، فلابد من مقاومتها، والنصح، والتعليم، فى شهر ذي الحجة تشتد أشواق المؤمنين إلى حج بيت الله الحرام، ويأخذهم الحنين إلى الطواف والسعي، وتحملهم آمالهم أن يكونوا في ركب الحجيج ملبّين لربهم إجابة بعد إجابة، ومهللين ومسبحين، يحدوهم الشوق إلى الروضة والمقام، والملتزم والركن، يرجون شهود موقف عرفة وليلة جمع، والمشعر الحرام، وكم تقطعت قلوب الصالحين شوقا لأداء هذا الركن العظيم من أركان الإسلام.
ولكن قضى الله وقدّر في سابق علمه أن اختار لكل موسم أهله، ولكل عام حاجّه، فلا يسع الموقف جميع المسلمين، ولم يأمرهم الشرع جميعا أن يجتمعوا كل عام رحمة بهم ولطفا، ومراعاة لمصالحهم وتقديرا لظروفهم، مع حث الشرع على المتابعة بين الحج والعمرة لمن أطاق وقدر على اتخاذ السبيل إلى بيت الله الحرام، ولقد شاءت حكمة الله تبارك وتعالى أن جعل لمن لم يكتب له الحج موسما للطاعة، لكي يستكثر فيه غير الحجيج من العمل الصالح، ويتنافسوا في هذه الأيام العشر فيما يقربهم إلى ربهم فالسعيد من اغتنم أيام البر، وقطف من ثمراتها، وجنى من فرصها ما يبلغه إلى رحمة الله تبارك وتعالى، وهذه الأيام العشر هي أيام أقسم الله بها في القرآن العظيم تنويها لفضلها لأن الله إذا أقسم بشيء دل هذا على عظم مكانته وفضله إذ العظيم لا يقسم إلا بالعظيم، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العمل الصالح في هذه العشر أفضل من غيرها.
فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام يعني أيام العشر، قالوا يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء" رواه البخارى، وإن الأضحية من تعظيم شعائر الله فإذا كان الحاج في مِنى يذبح الهدي تقربا إلى الله تعالى وطمعا في بر حجه، وقضاء نسكه، فإن مَن لم يحج أمامه فرص أخرى للمغفرة إذا استثمرها فاز برضوان الله تبارك وتعالى، ومن ذلك أن يضحي عن نفسه وآل بيته، وإذا كان الهَدي وكذا الأضحية لا يصل إلى الله منهما شيء، فإنهما إنما شرعا تعظيما لشعائر الله عز وجل بالذبح والنسك، وتوسعة على الخلق، وتقربا إلى الله تعالى، ولذا يلزم الإخلاص التام فيهما لله تعالى، وأن يحرص العبد على سلامة القصد، وصحة الهدف.