قصة عبده القرش

بتاريخ :الجمعة 21 اكتوبر 2022

الناشر :محمود   عدد المشاهدات : 122 مشاهدات


تأليف وكتابة /عبدالعزيز تمام
الحلقة العاشرة
تجُبر عبدالعال زاد على كثير ممن حوله , فهو رجل عصبي , قوي الشكيمة , أجش الصوت , عالي البنية , عندما يغضب تثبت عيناه على وجه من هو أمامه وكأنها تخِرج شرار من نار على من يقصده وعندما يتحدث يختار أسوء الألفاظ والمعاني تهكما , شديد البأس على من هم دونه مع شدة حرصه على من هم أعلى منه شأنا
في جلسة عشاء تجمع الإخوة دار بينهم هذا الحديث:
عبدالهادي: أنا بلاحظ يا عبدالعال انك بتتعامل مع الناس بقسوة زيادة عن اللزوم . خف على الناس شوية .
عبدالعال: الناس مش عايزة اللي يطبطب , الناس بتعمل حساب من اللي يغضب وغضبه يتعبهم عن الحنين اللي يقدروا ياكلوه بكلمتين , الناس دايما بتنصُر الطرف القوي عن الطرف اللي له حق يعني مثلا شوفت عمك نعيم الأسبوع اللي فات لما حصلت مشكلة معاك واد خالك فتحي نصرك أنت عليه ولو تفتكر نفسه عمك نعيم من كام سنة حصلت نفس المشكلة بينك وبين فتحي نصر فتحي عليك أنت عارف ليه مش علشان عمك نعيم الراجل المحترم اللي الناس بتحبه وتحترمه كان ضلالي ولا حقاني لأ عشان عمك نعيم عارف هو بيعمل إيه وعارف انه لما جه عليك قبل سابق عشان كان هينضر من فتحي وأبوه لكن دلوقت عصايتك أنت الوعرة واللي لازم يعملها حساب يا عبدالهادي يا خوي ميزان عدل الدنيا مايل وكفته بتميل ناحية اللي يدوس عليها وعشان تقدر تدوس لازم يكون عندك قوة أو فلوس ويا سلام لو معاك الاتنين محدش يقدر يقف قصادك.
عبدالهادي: يعني أنت عايز تقول أن الحياة بالنسبالك صراع .
عبدالعال: ايوة الحياة عركة أو خناقة لازم تنتصر فيها وعشان تنتصر متحاربش حد أنت عارف انه هيغلبك حارب بس اللي تقدر عليه لكن اللي متقدرش عليه حاول تكسبه في صفك وامشي مع المثل اللي بيقول الأيد اللي متقدرش عليها بوسها , الناس ملهاش غير اللي يخافوا منه بيجروا وراه ويتحاموا فيه أما اللي يطبطب , ساعة الجد بيبعدوا عنه وكمان بيجوا عليه .
عبدالهادي: وأنت يا عبدالرحمن رائيك إيه ؟ .
عبدالرحمن : الناس ليها اللي يدلعها ويسهلها عليهم الناس بتنجذب ناحية اللي يريحهم بس زي ما قال أخوك اوعى يأمنوا ردت فعلك خليك زي الهوا بالنسبالهم , بتريحهم لكن لما تقلب ميعرفوش ممكن تعمل فيهم إيه , الحياة لعبة فيها نسبة من المقامرة وأنت وشطارتك حاول دايما تكون حريف بس لو وقعت في مشكلة متبوصلهاش على أنها اكتر من لعبة لما تقع قوم ونفض هدومك وكمل لعب عادي , وأنت بقى الحياة بالنسبالك تبقى إيه يا عبدالهادي؟
عبدالهادي: الحياة بالنسبالي حياة مليانة ده وده , و لو حبيت انغمس فيها وفي مشاكلها وأخليها تضحك علي وتغُرني , لكن لما ابصلها على أنها فترة وهتعدي الموضوع هيختلف الدنيا مش نهاية المطاف ولا اللي هتاخدو منها هو اللي هيبقى عندك بدل ما تدور هتكسب إيه من الناس تدور هتكسب إيه من رب الناس هو ده المكسب اللي فيه عدل
ليه تعبد الناس وأنت قدامك رب الناس ملك الناس إله الناس هو اللي يقدر عليا ويقدر على الناس وميزانه هو العدل بعينه
تنتهي تلك الجلسة على هذا الحوار
بعد زواج خالد من سمر ذلك الشاب الجميل الباحث عن الجمال والذي تعتني والدته بكل تفاصيل حياته الأمر الذي لم تدركه سمر غير بعد الزواج .
خالد الذي لم يتحمل مسؤولية حقيقية في حياته سوى البحث عن متعته اكتشف أن الزواج من فتاة جميلة مهتمة فقط بمظهرها أثناء زيارته لها لن يكون كافيا لتكون حياة زوجية سعيدة فهذا الاهتمام لن يكون كاملا أثناء الاستيقاظ من النوم مثلا وأيضا هناك أوقات لن يجد هذا الاهتمام وأيضا هي لم تعد ترى فيه ما كانت تراه قبل الزواج من اهتمام .
تبدل الحال بينهم وخف التواصل وأيضا تدخل والدته في كل تفاصيل حياتهم والانتصار له دائما قد أتعس سمر كثيرا ولكن ماذا ستفعل فهذا هو اختيارها وهي من كانت متمسكة به رغم رفض بعض أخواتها له ولكن حين فاض بها اشتكت إلى أختها عزة والتي نصحتها بالصبر والتحمل ولكن حينما حكت لنورا
كان لها رأي آخر بأن تجعل عبدالرحمن يتدخل ويقوم بنصحه لعله يهتدي
وبالفعل يذهب له عبدالرحمن ويجده شاب مستهتر كعادته ولكن استهتاره زاد بعد الزواج عما كان قبله , فلم يعد يأبه بغضب أحد أصبح اهتمامه بنفسه فقط ولكن يتحمله عبدالرحمن ثم يعيد عليه النصيحة بأن عليه الاهتمام بزوجته فغدا أن شاء الله سيكون لديه أولاد فعليه التحضير لتلك الأيام .
يضحك خالد من الكلام ويقول عبدالرحمن: بص يا عم عبده أنت اكتر واحد عندكم اقدر أتكلم معاه خاصة انك راجل متفتح غير بقية أخواتك ، أختك أول ما عرفتها كانت وردة جميلة كلها جمال وأنوثة شوفت فيها كل حاجة حلوة أنا بدور عليها فعشان كده حبيتها وما شوفتش حد غيرها لكن بعد ما اتجوزنا لقيت فيها حاجات ما كنتش واخد بالي منها ولا حتى اعرفها قبل ما نتجوز شوفت واحدة تانية مهملة في نفسها وفي بيتها وكمان عصبية وعنيدة مبتسمعش الكلام ومش بتقبل الهزار
سرح عبدالرحمن في كلام خالد وتذكر حبه القديم وكيف كان يراها بأحسن صورة ويتغاضى عن أي شيء آخر حيث كان يراها تحبه كما كان يحبها ثم استيقظ من حلمه بعد خطبتها من رجل اكبر منها ولكن مرتاح ماديا حينها أدرك أن متطلبات الزواج غير متطلبات الحب.
وبعد أن أتم حديثه ونصيحته لخالد الذي لم يعتني لما سمعه منه , دعاه خالد
للذهاب معه في مكان ما حتى يتخلصوا من أعباء الحياة إلى ملذتها
وافق عبدالرحمن حتى يرى ما يدور في رأس ذلك الشاب
فإذا بذلك الشاب يدخل مكان يكاد يكون مخفي عن الأنظار في منطقة هادئة نسبيا قليلة السكان ولكن عندما طرق الباب خرج له رجل ضخم الجثة ومن خلال حديثه معه عرف انه معروف في ذلك المكان ولكن تبعه عبدالرحمن على أي حال ليجد نفسه في مكان يجمع من الموبقات أنواع عدة من خمور ونساء ومخدرات وأشياء آخر.
سأله عبدالرحمن: أحنا فين هنا؟
خالد: في وكر الملذات ومستنقع الموبقات حيث التلعب فات فات وفي ديله سبع لفات
عبدالرحمن : إيه يا عم الكلام ده أنت جايبني جهنم ولا إيه؟
خالد: يا عبده انظر للدنيا كما ترغب أن تراها,,, وألقي بهمومك وأنسى حتى ذكراها ,, فربك قادر أن يبدل الحال غير الحال من بين عشية وضحاها.
عبدالرحمن : إيه يا بني الكلام اللي مش ماشي مع المكان ولا حتى ماشي مع شكلك ؟ .
خالد : سيبك من الكلام دول بوقين حافظهم عشان اعمل بيهم مثقف , إيه رائيك في اللي بيحصل حواليك ؟ ,هنا تقدر تعمل كل حاجة تقدر تبسط نفسك زي مانت عايز .
عبدالرحمن : ايوة بس ده حرام.
خالد: ومش حرام تبقى الدنيا مليانة متع كده ونتحرم منها هنا تطلع كل رغباتك المكبوتة وشهواتك المكتومة.
عبدالرحمن : لا يا خالد أنا ماشي وليا كلام تاني معاك لما تفوق من اللي أنت فيه .
خالد : عبده لو هتمشي اوعدني متجبش سيرة لحد .
عبدالرحمن: لا متقلقش ودي سيرة تتجاب
وبينما عبدالرحمن خارج فإذا به يجد صبية في غاية الجمال لم تتم عقدها الثالث بعد يراها مبتعدة عن الأماكن المأهولة تجلس وحيدة وكأنها ليست من سكان ذلك المكان , يذهب إليها عبدالرحمن لتفقد حالها ويتحدث معها فيعرف من خلال حديثها معه بأنها كانت من بضاعة ذلك المكان لكنها اعتزمت التوبة لكنها محتارة أين ستذهب فهي لا تعرف مكانا غير ذلك المكان للعيش فيه وسبب عزمها هو أن صديقتها المفضلة قد ماتت جراء حادث مروع ثم تركها عبدالرحمن وفي اليوم التالي قابل خالد ووبخه عما رآه يفعله ومثل هذه الأماكن التي عليه عدم التواجد في مثلها , ضحك خالد من كلامه وأوضح له أن الحياة صعبة ومخزية وانك مهما تعبت فيها لن تجد الراحة ولا المتعة الكاملة بغير انحراف تزينه لك نفسك أو أن تخدع نفسك بأن الاستمتاع والراحة في المعاناة نفسها فتبقى مثل الآلة ليس لها حياة إلا بالعمل فنحن بشر بنا عقول وأنفس وأجساد ووعي وعلينا مجاراة كل ما لدينا وتحريره لنعيش الحياة بمتعها.
وكان رد عبدالرحمن: أنت شيطان ياد إيه الكلام اللي أنت بتقوله ده أنت ملحد ولا إيه ؟ . خالد: طبعا لا بس أنا بحب الحياة وشايف أنها جميلة وزي مانا بشتغل وباروح وباحي أنا كمان من حقي اتدلع.
عبدالرحمن: اتدلع في بيتك مع مراتك حلالك ليه تروح للسكة الغلط مع الناس الغلط ؟ .
لم يأبه خالد بكلام عبدالرحمن ولكنه قد راوغ عبدالرحمن بأن ما في الدنيا من متع أن يفعل ما يشتهيه مادام يستطيع على ذالك
وغادر عبدالرحمن وهو يفكر فيما قاله خالد وتذكر تلك الفتاة التي رآها في الليلة الماضية وكم كانت جميلة وكيف لو كانت هي معه ----- لا لا لا مالك يا عبده مش للدرجة دي ، ولكن لما لا فهي أرادت التوبة ، يا رجل ما بك وكيف ذلك ؛،؛ أحاديث تمر على خاطر عبدالرحمن الذي رضخ في النهاية لرغباته في تذوق هذا الطعم الجديد وبالفعل اتصل بخالد وقال له انه يريد أن يذهب إلى هذا المكان مرة أخرى حتى رآها فوجدها كما هي متخذة جانبا وحدها بعيدة عن الصخب منبوذة بينهم وهي تبكي حيث أن صاحب المكان أعطاها مهلة لترجع أو ترحل
وهنا أدرك عبدالرحمن أن عليه اتخاذ القرار فأخذ منها رقم كي يتواصل معها عليه بعد أن أكد لها انه ليس من زبانية هذا المكان ثم أعطاها وعدا انه سيتواصل معها غدا لتدبير لها مكان تأكل فيها عيشها بشرف وما كان منها إلا أن وافقت لأنها أحست بالصدق في كلامه وأيضا ليس لديها حل آخر فغدا هو آخر ميعاد للمهلة المعطاة لها وفسرت ذلك بأن الله قد استجاب دعواتها لذا أرسل لها ذلك الرجل.
رجع عبدالرحمن يفكر فيما فعله وماذا سيفعل ، انه يريدها ويرغب فيها ولكنه لا يريد فعل الحرام ولا هي أيضا فماذا سيفعل وهل لو أراد الزواج منها في السر ماذا سيترتب على ذلك, وأسئلة كثيرة تدور في ذهنه ثم هداه رشده أن يستشير أخاه عبدالهادي فهو رجل دين وملتزم ولن يجعله يقع في سوء .
عبدالرحمن ذهب لعبدا لهادي وبعد نقاش معه وعرفه أنها تنوي التوبة وهو يريد إن يساعدها وأيضا يريد أن يعف نفسه بها وبعد النقاش طويل كان رأي عبدالهادي أن على عبدالرحمن الانتظار لثلاث أشهر حتى يتم الزواج منها لينتهي اثر أفعال الرجال بها وأيضا اختبار لتوبتها ولتكن بمثابة شهور عدة لها.
وافق عبدالرحمن على الاقتراح وقال أنها ستعمل في مصنع ملابس يخص شركتهم ويجعل مبيتها مع البنات المغتربات حتى تكون دائما تحت ملاحظتهم .
وبالفعل يحدث ذلك حيث تظهر هذه الفتاة صدق توبتها ورغبتها في حياة شريفة .
وإلى هنا تنتهي حلقتنا وإلى اللقاء في الحلقة القادمة
إن شاء الله

 

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية