هل يمكن أن تتخلى أمريكا بسهولة عن سيطرتها على العالم بسبب بن سلمان

بتاريخ :الاثنين 31 اكتوبر 2022

الناشر :ناهد   عدد المشاهدات : 180 مشاهدات

 

بقلم : يوحنا عزمي

الدولار الأمريكي لم يكن له قيمة في سوق العملات قبل 1973 
إلى أن قرر الملك فيصل بن عبد العزيز قبول الدولار كعملة وحيدة لشراء البترول مقابل تقديم أمريكا الحماية له وللحكم الملكي هناك 

هنا ظهر مصطلح البترودولار وأصبح إنتاج البترول في كل دول الأوبك مرتبطا بالعملة الأمريكية .. ليس هذ فقط بل أصبحت التجارة العالمية واحتياطات النقد في العالم كله يقيم بما تمتلكه الدول من دولارات .. 

إلى هنا لا يوجد مشكلة حيث أن أمريكا كانت تمتلك وحدها 75 % من ذهب العالم وربطت إصدار عملتها بوجود غطاء ذهبي وهو ما جعل العالم يتجه إلى شراء الدولار الأمريكي فأصبح عملة التجارة العالمية .. لكن ذلك لم يستمر طويلا بعد حرب فيتنام حيث فقدت الخزانة الأمريكية معظم رصيدها من الذهب لتغطية تكاليف الحرب ولسد العجز في الميزان التجاري فاضطر الرئيس نيكسون لإلغاء ارتباط الدولار بالذهب وبالتالي أصبح ورقة لا قيمة لها فيما عرف بصدمة نيكسون .. 

ومع ذلك ظل النظام التجاري العالمي يتعامل بالدولار حيث لا بديل عملي له وأصبح من الصعب تغييره .. كانت أكبر خدعة تم خداع العالم بأسره بها .. اكتشف الجميع في النهاية أنه يكدس أوراقا مطبوعة فقط وفي نفس الوقت يقع تحت رحمة أمريكا حيث أصبح الفيدرالي الأمريكي بنك العالم يتحكم كيفما شاء في كل عملات العالم ..

لكن طباخ السم لازم يدوقه زي ما بيقول المثل .. فرغم أن امريكا ضربت الاقتصاد العالمي ضربة مميته برفع سعر الفائدة 5 مرات 
في أقل من عام بسبب التضخم المستمر الذي لا يتوقف مما جعل رؤوس الأموال تتجه تلقائيا للاستثمار في أمريكا وهو ما تسبب 
في قوة الدولار مع ضعف بل وانهيار معظم العملات حتى في النظم المتقدمة اقتصاديا .. 

إلا أنه في الواقع ازدهار خادع .. فالدولار سقوطه حتمي إذا ما تم فك ارتباطه بالبترول وهو ما يحاول أن يقوم به الأمير محمد بن سلمان الآن لتغطية الخطأ التاريخي باقتصار تصدير البترول على الدولار الأمريكي وتحويله إلى اليوان الصيني والروبل الروسي مع عملات أخرى .. وحيث أن انتاج السعودية ومعها دول الخليج  بالتأكيد يمثل الجانب الأكبر من إنتاج الطاقة في العالم فإنه بإمكانها نظريا ضرب الدولار ومعه الاقتصاد الأمريكي كله ضربة صميمة وفي مقتل.

مصرنا الحبيبة : هذه الخلفية كان لابد منها حتى لا يصيبنا القلق 
من مسألة ارتفاع الدولار .. فالاتجاه إلى ربط اقتصادنا بسلة عملات عالمية يقلل من اعتمادنا على الدولار الأمريكي وانتهاء مشكلته تماما .. حجم التجارة البينية بين مصر وأمريكا 9.1 مليار دولار سنويا .. مصر تصدر لها بما قيمته 3.4 مليار دولار وتستورد منها بمقدار 5.7 مليارا .. المسألة في المقدور إذن لكن لا يصح أن نتحمل وحدنا نتائج هذه الخطوة غير محسوبة العواقب .. ليس معناه أن نتخلى عن الإنتاج والتصدير بالطبع.

الخلاصة : مشكلة ارتفاع الدولار في مصر والعالم كله مشكلة مؤقتة سقوطه مسألة وقت فقط وهو قضية محسومة لا علاقة لها بقوة الاقتصاد من عدمه والحل سيأتي من الخارج .. فالصدام الأوروبي الأمريكي واقع لا محالة .. أوروبا تئن وتشكو بسبب أمريكا وشعوبها لن تتحمل ضغوط المعيشة أكثر من هذا.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية