قصة عبده القرش

بتاريخ :الثلاثاء 08 نوفمبر 2022

الناشر :ناهد   عدد المشاهدات : 125 مشاهدات


تأليف وكتابة /عبدالعزيز تمام
الحلقة الثانية عشر
وكما هو متوقع بعد مضي اقل من ٢٤ ساعة قامت  سامية  بالاتصال بـــعبد الرحمن  لإخباره بمكان النقود وكيفية الوصول إليها
ولكن أثناء تلك الأحداث حدثت أشياء أخرى حيث أن  زبيدة  ذهبت لأخيها توبخه وتخبره عن ما عرفته من  عبدالعال  وماذا قالت هي له ،  رجب  فطن ما سيحدث له من  عبدالعال  الذي علم من أخته انه هو من تسبب في مشاكله وأدرك  رجب  أن انتقام  عبدالعال  ليس ببعيد فهو الآن في أوج قوته وقد عرف مكانه  فـــرجب  اليوم أب لولدين وبنت ويعمل سائق شاحنة نقل أثاث تابعة لشركة خاصة وبعد أن توفى والده أصبح هو عائل لأمه
فأدرك  رجب  أن عليه الاستعداد للقاء  عبدالعال  والذي بجميع المقاييس سيكون هو الخاسر ، قاطعته  زبيدة  بطلبها منه أنها تريد ابنها التي حُرمت منه كل هذا العمر الأمر الذي تبسم له  رجب  لأنه أدرك أن هذا سيكون مخرجه الوحيد من هذه المحنة الذي سيجعله يتغدى بـــــعبدالعال  قبل أن يتعشى هو به
فما لبث حتى ذهب للمقر الرئيسي لشركة  عبده القرش  ليسأل على ابن  عبدالعال  حتى عرف اسمه واستطاع مقابلته وفي إنكار من  عصام  له أصر  رجب  يسمعه للنهاية .
رجب  : أنت مكنتش تعرفني بس لما هتعرفني وتعرف أن أنا اقرب الناس ليك ساعتها الدنيا هتتغير بالنسبة لك .
عصام : عايز تقول إيه يا عم الحاج ؟ .
رجب  : أنا خالك اخو أمك .
عصام : خالي منين وازاي هو أنا تايه عن خلاني ؟
رجب : أنا خالك الوحيد اخو أمك الحقيقية أمك  زبيدة  .
عصام : معلش يا عم الحاج الظاهر انك قاصد حد تاني ، استأذن أنا عشان عندي مشاغل .
رجب  : اصبر شوية  , أنا خالك وماليكش خلان تاني غيري ولو مش مصدق روح اسأل عمامك أو جدك أو حتى اسأل مرات أبوك عن أمك الحقيقية ولو كانوا ضحكوا عليك وأنت صغير وفهّموك حاجة غير كده فأنت دلوقت كبرت ولازم تعرف الحقيقة وتروح تشوف أمك اللي قلبها انفطر عليك ونفسها تشوفك وتاخدك في حضنها
يستمع منه  عصام  وبعد الحصول على رقم هاتفه ذهب إلى جده ثم سأله عما سمعه من  رجب  ومدى مصداقية كلامه ، وما أن سمعه جده حتى أخبره بالحقيقة ولكن دون الخوض في تفاصيل جارحة لامه الحقيقية  زبيدة  حتى لا يكرهها ثم أشار عليه أن يذهب ليرى أمه ويأخذها في حضنه ،
في تلك الفترة كان  عبدالعال  أرسل من يحضر  رجب  ولكنهم رجعوا إليه معللين انه متغيب عن بيته ولكن  عبدالعال  أشار لهم بعدم مغادرة المكان حتى يرجع ثم يحضروه ولكن  رجب  بعد معرفته بأن ناس أغراب سألوا عليه قرر انه لن يغادر القاهرة إلا بصحبة  عصام  حيث أنه الوحيد  الذي سيحميه من بطش  عبدالعال (أو هكذا فكر)
وما أن تواصل معه  عصام  حتى اصطحبه معه على بيته بعد أن اتصل بـــزبيدة  انه آت ومعه ابنها كما وعد
وفي أثناء طريقهم إلى المحلة كلمه  رجب  وسمع منه ما حكاه جده فوجد أن جده لم يعيب في  زبيدة  أو أحدا من عائلتها الأمر الذي اسعد  رجب  حيث أن بإمكانه وبكل سهولة تغير وتبديل قصة الماضي وتعديلها لتصبح  زبيدة  وعائلتها هم الضحية وان عائلة أبوه هم الجناة ، فعندما سأله  عصام  عما كان وكيف وصلنا إلى ما نحن فيه وباقي أسئلته  عن قصة الماضي ، وهنا بدء  رجب  أن يحكي له روايته هو من خلال رؤيته هو مع تبديل الوقائع لصالحه
فحكي له أن أبوه كان يحب أمه  زبيدة  بشدة وقد تحدى أبوه في زواجه منها  , أبوه الذي لم ينسى أن ابنه تزوج رغم عنه حيث انه كان يريد أن يزوجه احد بنات العائلة ولكن  عبدالعال  تمسك بــــزبيدة  كثيرا لذلك قام  حنفي  أبوها بمساعدته في الزواج من ابنته الوحيدة وجعله يعمل عنده حتى يتمكن من فتح بيت ثم ساعده على تكاليف الزواج حتى تزوجوا وعندما اشتد الخناق على  عبدالعال  من طرف أبوه وأخوته اقترح  حنفي  أن يسافر للـــسعودية  بعض من الوقت حتى تهدئ الأمور بينه وبين أبيه وأخوته ولكن هيهات حيث لم ينسى  عبدالرحيم  بأن ابنه خرج عن طوعه وتزوج من خارج العائلة فبدء يدبر له المكائد ويكلم ولده كثيرا حتى يرغمه على ترك زوجته و محبوبته حتى أتى  عبدالعال  من السفر وما أن جاء حتى وجد أبيه يكرِهه على ترك زوجته بشتى الطرق حتى تعب  عبدالعال  واضطر لقطع إجازته و الرجوع مرة أخرى للسعودية وبعدها جاء  عبدالرحيم  ومعه  عبدالهادي  ذلك الشيخ مدعي الصلاح خبيث النية والتصرفات (هكذا كان يحكي)
وقاموا بطرد  زبيدة  من شقتها والقوا بعفشها في الشارع ثم هددوها بأن لا ترجع مرة أخرى إلى هذا المكان وان  عبدالعال  سوف يطلقها ، و كلموا  عبدالعال  ليقولوا له أن  زبيدة  هي التي تركت بيتها وطلبت الطلاق
حتى استطاعوا أن يكرّهوه فيها حتى طلقها وتركها حبلى فيك يا  عصام  وليس هذا فقط بل قد تعرضوا بالأذى لــــزبيدة  وأهلها حتى قمنا بعمل محضر عدم تعرّض حتى نتخلص من أذاهم لنا (أو هكذا قال) ثم لم يكفوا عن آذانا حتى عزم والدي وجدك على الرحيل لمكان يبعد فيه عن عائلة  الــقرش  بأكملها وتركنا حالنا ومالنا وبيتنا وذهبنا جميعا إلى المحلة عندي أخوالي كما أنت ذاهب الآن ، وترقبوا يوم الولادة فإذا يأبوك وأبوه وأخواته في المستشفى ولما انشغلنا  مع أمك أستطاع أبوك أن يأخذك معه في يوم ولادتك وادّعى بعدما دفع رشوة لإدارة المستشفى بأنك مت في الحضّانة بعد ولادتك بساعة واحدة واخذ جثتك على حد قوله ليدفنك في مقابر العائلة ، ولكن بفضل الله عرفت انك لازلت على قيد الحياة وما فعلوه بك حيث تركوك تربيك واحدة غير أمك الحقيقية التي حرموك منها طيلة عمرك
أمك  زبيدة  التي أضناها الزمن وغيابك عنها أول ما قولت لها انك موجود أشرق وجهها بالنور فرحا وأصرت أن تذهب لتقابلك هي بنفسها ولكني قولت عليها بأن ذهابها إليك لن يكون بالأمر السهل واقترحت أن أتي أنا لآخذك إليها فتركتها لا على حامي ولا على بارد حتى تراك وتأخذك في حضنها وترى أخواتك البنات أخواتك من أمك وترى عيال خالك
وينظر له بسعادة على وجهه ويقول : شوف قد إيه ربنا نصف أمك المسكينة بيك وخلاها تشوفك بقى راجل يملئ العين وهو اللي هيبقى كبير عيلة  الــقرش  بعد أبوه وأعمامه.
عصام  ذلك الشاب المُهمَل ممن حوله حيث لم يجد اهتمام سوى من أمه  أسمهان  والذي دائما يعامله أبوه بغِل وتحدي وكان يكسر من نِفسه كثير ويقوم بإذلاله وكان كثير ما يربيه على العنف ، وجد في القصة التي يحكيها له خاله مستساغ له حيث سيكون هو محور الموضوع وموّضع الاهتمام الأول وأيضا بإشارة  رجب  له بأنه سيكون كبير عائلة  الــقرش  آفاق في داخله غريزة التميز والتسلط بعد المهانة والكسرة. وما أن وصلا إلى البيت حتى وجد استقبال حافل من أمه وعيال خاله وجدته استقبلوه استقبال الفاتحين ، وبعد أهلا وقبلات وقصص وحكايات يروا من يتربصون لـــرجب  عند بيته وصول  رجب  ولكن بصحبته  عصام  الأمر الذي جعلهم يترددون في البداية ماذا سيقولون لــــعبدالعال  فهو رجل عصبي وأكيد سيسيء
التصرف وخوفا من ردة فعله خطرت بينهم فكرة أن يبلغوا الشيخ  عبدالهادي  عما حدث على انه هو من يقوم بتبليغ  عبدالعال  بطريقته ، وبالفعل  عبدالهادي  بلّغ  عبدالعال  بما حدث وقام باصطحاب أخيه مع اثنين من أولاده وبعض من رجال  عبدالعال  قاصدين بيت  رجب
رجب  الذي حكي أحداث ما مضى بطريقته اللعينة حتى ينقلب  عصام  على أبوه وأعمامه ، ولكن  عصام  لم يحتاج لكل هذا فــــعصام  كان بداخله كُره وحقد وكسرة لوالده ولم يعاني كثيرا ليغير نظرته في أعمامه
وما أن وصل  عبدالعال  ورجالاته ودبت أحذيتهم على أرض منزل  رجب  و إيقاع خطواتهم التي تحدث ضجيجا غير متناغم ثم يلتقي الجيشان (أو الفريقان أو الأسرتان) في مشهد ملحمي يحمل مشاعر الحقد والغل والغرور والرأفة والرغبة كلً وله مراده ، ثم  ينظر لــــزبيدة  وهي تحتضن  عصام  بابتسامة غرور ساخرة وينظر في عيني  رجب  بحقد وعنف
ويبادله  رجب  النظرات ولكن بتشفي في حين أن  عبدالهادي  يترقب ردة فعل أخيه فهو يعلم كم هو رجل عصبي عنيف الأسلوب لا يتمالك نفسه عندما يغضب
يقول له  رجب  : المرادي هقولك أتفضل مش هطردك زي المرة اللي فاتت عشان أتت بس أبو ابن أختي وفي بيتي وإحنا ولاد أصول وبنقدّر الضيف مهما كان.
يشطاط  عبدالعال  : انتو مش ولاد أصول انتو ولاد كلب .
ثم  تتعالى الأصوات وتقسو الكلمات بينهم ويهم  عبدالعال  بالإمساك بـــرجب  فهمّ  عبدالهادي  لمنعه لكن يفاجأ بوقوف  عصام  بينهما ليس فقط لمنع الاشتباك ولكن لردع أبيه
ولكن  عبدالعال  الذي اعتاد إلا يعمِل حساب لـــعصام  وكأنه لا يراه فيندفع أكثر نحو  رجب  وكأن ليس هناك من يفصل بينهما الأمر الذي يحرك  عصام  أكثر لدفع وردع أبيه بالقوة ، تفاجأ  عبدالعال  بهذا الشخص الذي أمامه وكأنه لم يعرفه من قبل ذلك الشاب طاله وتطاول عليه
استغرب من تلك العينين وكيف تزغر لعينيه ومن يداه وكيف اشتدت على كتفيه و  زبيدة  و رجب  خلفه يبتسما بشماتة ،  عبدالعال  الملقب بالمدفع لقوة كلماته وقوة الشكيمة عنده لم يكن لديه أي ردة فعل ولم يبدي أي فعل حتى تدخل  عبدالهادي  وولديه لانتزاع  عصام  من أمامه , تركهم  عبدالعال  وخرج بعد أن توعّد لـــرجب  ليوم آخر ثم تبعه من كانوا معه
وما أن وصل إلى سيارته حتى أحس بأن قدماه لم تعد تحملاه فقد ثقل هم الجسد وتراخى العصب وتدلدلت شفتاه مقطرة نقاط من لعابه ، أدرك  عبدالهادي  ماهو فيه فساعد أخوه على ركوب السيارة وبدأ يطمئنه ويتحسس صدره .
عبدالعال  الذي كسر أناس كثر كان إذا اخذ أحدهم حقه كان يؤذيه شر الأذية تذكر إن  واحد أكل حقه في صفقة واخذ المال ليتزوج به فقام  عبدالعال  بخطف العروسة في ليلة الزفاف وترك له رسالة "رجّع الحقوق لصحابها "حتى عرفه ورد إليه حقه وزيادة تكلفة الخاطفين والكثير من قصص الافتراء فهو الملقب بالمدفع ولكن الآن ماذا سيفعل فابنه اشتد ساعده عليه ولكن هل هناك من يفعل هكذا مع أبوه من يقدر أن يمسك في أبيه بهذا الشكل ومن اجل من ؟؟؟ كل تلك الأسئلة وأكثر قالها  وليد  ابن  عبدالهادي  ولكن عبدالعال  كان عنده الإجابة ، حيث أن قد سبق فعلة  عصام  أبوه الذي فعلها هو أيضا مع أبوه من أجل نفس الأنثى
وقبل أن وصلوا لأطراف القاهرة حتى أحس  عبدالعال  بإعياء شديد مما أضطر  عبدالهادي  للذهاب به إلى المستشفى وبعد عمل اللازم من فحوصات انتهى التقرير على وجود جلطة في المخ الأمر الذي استدعى احتجازه في العناية المركزة لفترة .
استطاع  عبدالرحمن  الحصول على أمواله التي كانت سرقتها  سامية  وردها إلى خزنة الشركة وانشغلوا جميعا في مرض  عبدالعال  في تلك الأثناء استطاع  رجب  أن يقنع  عصام  بأن أبوه سيتصرف ضده ولن يجعله يطول شيء من أمواله بعد أن وجد ولائه أصبح لامه لذلك فعليه الإسراع في اقتناص الفرصة للحصول على أكبر قدر من المال لعمل مشروعه الخاص الذي سيكون هو صاحبه والمتحكم الوحيد فيه وقد فكر له في عمل شركة نقل بضائع على أن يقوم  رجب  من خلال خبرته الكبيرة في المجال بمساعدة ابن أخته الغالي (أو هكذا قال) ، .
عصام  ذلك الشاب منزوع الشخصية صغير العقلية فرح لمقترح خاله وحبيبه الذي يسعى دائما لمصلحته(أو هكذا اعتقد) لم يلبث ألا أن قام بسرقة المبلغ الذي استرده من قبل  عبدالرحمن  من  سامية  ومبالغ أخرى استطاع الحصول عليها مستغلا انشغال الأهل مع أبيه
وإلى هنا تنتهي حلقتنا هذه
والى اللقاء في الحلقة القادمة إن شاء الله

 

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية