قصة أعجبتني الأب..الباب الكبير الذي لا يُستند الا اليه!!!

بتاريخ :الجمعة 05 يناير 2024

الناشر :Alaa   عدد المشاهدات : 323 مشاهدات


متابعه / حسين صبيح

يقول أحدهم عن أبيه :
كان أبي إذا دخل غرفتي , و وجد المصباح مضاءً 
وأنا خارجها قال لي : لم لا تطفئه ولم كل هذا الهدر في الكهرباء ؟؟؟

إذا دخل الخلاء ووجد الصنبور يقطر ماءً قال  بعلو صوته لم لا تُحكم غلقه قبل خروجك ولما هذا الهدر في المياه؟؟؟

دائما ما ينتقدني ويتهمني بالسلبية !!!
يعاتب على الصغيرة والكبيرة !!!
حتى وهو على فراش المرض !!!
إلى أن جاء يوم وجدت فرصة وظيفة كويسة .
اليوم الذي طالما انتظرته.
اليوم سأجري المقابلة الشخصية الأولى في حياتي للحصول على وظيفة مرموقة في إحدى الشركات الكبرى. 

وإن تم قبولي فسأترك هذا البيت إلى غير رجعة وسأرتاح من أبي وتوبيخه !. 
استيقظت في الصباح الباكر ولبست أجمل الثياب وتعطرت وهممت بالخروج فإذا بيدٍ تربّت على كتفي عند الباب. 

التفت فوجدت أبي مبتسمًا رغم شحوبه وذبول عينيه و إشتداد أعراض المرض علية فكان منحنيا في وقفته ....

 ناولني مبلغ كبير من المال وقال لي أريدك أن تكون اليوم إيجابيا واثقا من نفسك انا ربيتك وعلمتك صح .. لا تهتز أمام أي سؤال. 

تقبلت النصيحة على مضض وابتسمت وأنا أتأفّف من داخلي، حتى في هذه اللحظات لا يكف عن النصائح وكأنه يتعمد تعكير مزاجي واظهار هيمنته حتي في أسعد لحظات حياتي !

خرجت من البيت مسرعًا واستأجرت سيارة أجرة وتوجهت إلى الشركة.

وما أن وصلت ودخلت من بوابة الشركة حتى تعجبت كل العجب !!!
لم يكن هناك حراس عند الباب ولا موظف استقبال سوى لوحات إرشادية تقود إلى مكان المقابلة.
وبمجرد أن دخلت من الباب لاحظت أن مقبض الباب قد خرج من مكانه  
فتذكرت نصيحة أبي لي  (كن إيجابيا) فاستخدمت مفتاح صغير بميداليتي في ربط مساميره
ثم تتبعت اللوحات الإرشادية ومررت بحديقة الشركة فوجدت الممرات غارقة بالمياه التي كانت تطفو من أحد الأحواض الذي امتلأ بالماء الى آخره. وقد بدا أن البستاني قد انشغل عنه. فتذكرت تعنيف أبي لي على هدر المياه فقمت بسحب خرطوم المياه من الحوض الممتلئ ووضعته في حوض آخر مع تقليل ضخ الصنبور حتى لا يمتلئ بسرعة إلى حين عودة البستاني.
ثم دخلت مبنى الشركة متتبعا اللوحات وخلال صعودي على الدرج لاحظت الكم الهائل من مصابيح الإنارة المضاءة ونحن في وضح النهار فقمت لا إراديا بإطفائها خوفا من صراخ أبي الذي كان يصدح في أذني أينما ذهبت. 
إلى أن وصلت إلى الدور العلوي ففوجئت بالعدد الكبير من المتقدمين لهذه الوظيفة .
قمت بتسجيل اسمي في قائمة المتقدمين وجلست انتظر دوري وأنا أتمعن في وجوه الحاضرين وملابسهم لدرجة جعلتني أشعر بالدونية من ملابسي وهيئتي أمام ما رأيته. والبعض يتباهى بشهاداته الحاصل عليها من الجامعات الأمريكية.
ثم لاحظت أن كل من يدخل المقابلة لا يلبث إلا أن يخرج في أقل من دقيقة. 
فقلت في نفسي إن كان هؤلاء بأناقتهم وشهاداتهم قد رُفضوا فهل سأقبل أنا ؟؟!!
فهممت بالانسحاب والخروج من هذه المنافسة الخاسرة بكرامتي قبل أن يقال لي نعتذر منك.
وبالفعل قمت من مكاني وهممت بالخروج فإذا بالموظف ينادي على اسمي للدخول !
فدخلت غرفة المقابلة وجلست على الكرسي في مقابل ثلاثة أشخاص نظروا إليّ وابتسموا ابتسامة عريضة ثم قال أحدهم متى تحب أن تتسلّم الوظيفة ؟؟؟!!!
فذهلت لوهلة وظننت أنهم يسخرون مني أو أنه أحد أسئلة المقابلة ووراء هذا السؤال ما وراءه.
فتذكرت نصيحة أبي لي عند خروجي من المنزل بألا أهتز وأن أكون واثقا من نفسي.

فأجبتهم بكل ثقة: انا جاهز فقط بعد أن أجتاز الاختبار بنجاح إن شاء الله.

فقال آخر لقد نجحت في الامتحان وانتهى الأمر.
فقلت ولكن أحدا منكم لم يسألني 
سؤالا واحدا !!! 
فقال الثالث نحن ندرك جيدا أنه من خلال طرح الأسئلة فقط لن نستطيع تقييم مهارات أي من المتقدمين. 

ولذا قررنا أن يكون تقييمنا للشخص عمليا ...
فصممنا مجموعة اختبارات عملية تكشف لنا سلوك المتقدم ومدى الإيجابية التي يتمتع بها ومدى حرصه على مقدرات الشركة، فكنت أنت الشخص الوحيد الذي سعى لإصلاح كل عيب تعمدنا وضعه في طريق كل متقدم، وقد تم توثيق ذلك من خلال كاميرات مراقبة وضعت في كل أروقة الشركة.

حينها فقط اختفت كل الوجوه أمام عيني ونسيت الوظيفة والمقابلة وكل شيء...

ولم أعد أرى إلا صورة_ وجه أبي !!!

     .. ذلك الباب الكبير الذي ظاهره القسوة ولكن باطنه الرحمة والمنفعة والتعلم والمودة والحب والحنان والطمأنينة.

شعرت برغبة جامحة في العودة إلى البيت لكي أنكفيء وأقبل يديه وقدميه. 
ولكن   .. يا للأقدار
عند باب الدار رايت اقاربي و الجيران مجتمعين۔ينظرون الي نظرات عطف والبعض يبكي ۔۔ فهمت ۔۔ وصلت متاخرا۔۔ 
وفهمت متأخرا ..
 فات الاوان  ....

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية