حين يصمت العالم استعدادًا للتحول ـ جريدة الراي 

بتاريخ :الاثنين 03 نوفمبر 2025

الناشر :ولاءهنداوي   عدد المشاهدات : 304 مشاهدات

حين يصمت العالم استعدادًا للتحول ـ جريدة الراي 

 

بقلم د. أحمد عبده

 

كأن العالم قرر أن يصمت قليلًا…

لا ضجيج سياسي يستحق الالتفات، ولا مفاجآت تزلزل الموازين كما اعتدنا في السنوات الماضية.

كل شيء يبدو ساكنًا، مطمئنًا على السطح، لكنه في العمق ليس كذلك أبدًا.

 

فهذه ليست سكينة حقيقية، بل زمنٌ يتهيأ فيه كل شيء لمرحلة جديدة،

وكأننا نعيش الهدوء الذي يسبق التحول الكبير.

 

في السياسة، كما في الطبيعة، لا شيء يبقى ساكنًا إلى الأبد.

وحين تخفت الأصوات وتختفي الأخبار الصاخبة، يبدأ التغيير الحقيقي في التكوّن خلف الستار.

التحالفات تُعاد صياغتها بصمت، والاقتصاد العالمي يبحث عن توازن جديد،

والدول تُراجع مواقفها بهدوء، والشعوب تتأمل في طريقها القادم بين الأمل والرهان على المستقبل.

 

وسط هذا الصمت، تبقى مصر — بتاريخها الطويل ووعيها العميق — تقرأ المشهد بعين مختلفة.

فالدولة التي مرت بعواصف السياسة والاقتصاد، تعلم أن الهدوء ليس نهاية الطريق،

بل بداية استراحةٍ قبل انطلاقٍ أكبر.

ومثلما يتهيأ النهر قبل فيضانه، تتهيأ مصر قبل كل تحول،

تعرف متى تنتظر، ومتى تتحرك، ومتى تختار التوقيت الذي يصنع الفرق.

 

ولعلنا اليوم أمام لحظة من هذا النوع:

لحظة نحتاج فيها إلى أن نقرأ الهدوء قراءةً واعية، لا أن نُخدع به.

لأن من لا يرى التحول وهو في طور الميلاد، سيصحو عليه بعد فوات الأوان.

 

يبقى الأمل أن يكون هذا الهدوء مساحةً لإعادة ترتيب الذات،

ولملمة الطاقات، واستدعاء البصيرة الوطنية التي تعرف طريقها حتى في أحلك اللحظات.

فمصر التي علّمت العالم معنى الصبر، تعرف جيدًا كيف تصنع التحول حين يحين أوانه،

وكيف تخرج من السكون إلى الفعل حين تدعوها رسالتها الخالدة.

فهنا... لا يصمت الوطن، بل يُصغي لصوته في عمق الزمن، ليعود من جديد كما وُلد أول مرة... مصريًّا لا يعرف إلا التحول نحو الحياة.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية