مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :محمد احمد عدد المشاهدات : 224 مشاهدات
متابعة - الصحفي عمر ماهر
كل الأضواء صوبه… وكل التصفيق صار إلو… محمد أنور، المخرج يلي قدر يحط بصمته مش بس بالساحة الدرامية العربية، بل على الخريطة العالمية، بيترشّح رسميًا لجائزة أفضل مخرج بمسابقة الدانة للدراما ٢٠٢٥ عن عمله العظيم "سدف"، وبهيدا الإنجاز، عم بيكرّس مسيرته كأيقونة إخراجية صار من المستحيل التغاضي عنها.
"سدف" مش بس مسلسل… هو حالة وجدانية، لوحة درامية مشغولة بتفاصيلها، مرسومة بريشة مخرج حاسس، شاعر، ودارس كل لقطة وكل حركة وكل سكوت قبل الصوت. محمد أنور ما ترك شي للصدفة، ولا اعتمد على البهرجة أو الاستعراض، بل بنى مشروعه الفني من نبض الإنسان، من نبض الممثل، من وجع الشخصية، ومن ضياع الواقع، قدر يعمل توليفة ساحرة جمعت بين الواقعية القاسية والحلم الغامض، بين الصورة الصامتة والكلمة الناطقة، وبين الألم والشفاء، وهي المعادلة الصعبة يلي بيحاولوا مخرجين كُثُر يوصلولا، بس قليل جدًا يلي بينجحوا يرسّخوها… وأنور رسّخها بجرأة، وهدوء، وتواضع قاتل.
من أول مشهد بـ"سدف"، حسينا إنو في شي غير مألوف عم يصير، في عدسة مش تقليدية عم تراقب، وفي عين مش مثل باقي العيون عم تغوص بقلب الحكاية مش بس تراقبها من بعيد. محمد أنور نقلنا من شاشة لتجربة، من دراما لواقع، من تمثيل لحقيقة. حتى الموسيقى التصويرية، كانت مثل همس المخرج بأذنك، تقولك: "ما تنغرّ، كل هيدا حقيقي، كل دمعة، كل تنهيدة، كل رجفة عين". هون عبقرية محمد أنور، وهون سبب ترشيحه العظيم… مش لأنو بس أخرج مسلسل، بل لأنو خلق عالم.
الدانة للدراما، يلي تعتبر من أرقى الجوائز العربية، ما بتختار أسماءها عبث، وما بترشّح مخرجين إلا إذا كانو عاملين فرق حقيقي. ومحمد أنور، بكل موضوعية، عامل فرق مش طبيعي. عدد المشاهدين الهائل لمسلسل "سدف"، التفاعل الجماهيري، الهجوم العاطفي يلي سبّبه على وسائل التواصل، الآراء النقدية الإيجابية، وحتى الحوارات اليومية بين الناس… كلها مؤشرات إنو في شي بالعمل مش عادي، في مخرج عم يشتغل من مكان أعمق من الصورة، وأقوى من النص… مخرج بيشتغل من الروح.
الفريمات بـ"سدف" كانت مثل لوحات متحرّكة، كل كادر فيه دقة، وتوازن، وألم دفين… ما كان في مشهد مرق مرور الكرام، ولا لقطة مكرّرة أو مستهلكة، كل تفصيل محسوب بدقة هندسية وفنية عالية، لدرجة إنو النقّاد صاروا يستخدموا تعبير "مدرسة محمد أنور" لوصف نوع جديد من الإخراج. وبالفعل، صار في مدرسة… مش لأنو حبّوا يمدحوا، بل لأنو محمد أنور ابتكر نهج خاص فيه، بيتعامل فيه مع الممثل كإنسان مش كأداة، ومع النص كنبض مش ككلمات، ومع الكاميرا كوسيلة نقل لحرارة المشهد مش لتصوير الحدث فقط.
ومش بس على مستوى الإخراج، محمد أنور بيتمتع بقدرة نادرة على إدارة الطاقم الفني بكل محبة وهيبة، بيخلق بيئة إبداعية منضبطة، وبيشجّع التجريب، وبيعرف كيف يستخرج من الممثلين أقصى طاقاتهم، خصوصًا إنو "سدف" جمع نخبة من الأسماء الكبيرة والصاعدة، وكلهم قدموا أداء استثنائي ما كان ليظهر بهيدا الشكل لولا عين محمد أنور وتوجيهاته النابعة من خبرة، ومعرفة، وصدق فني.
اليوم، لما نقول إنو محمد أنور مرشّح لجائزة أفضل مخرج بجائزة الدانة، ما منكون عم نحكي عن ترشيح عادي… نحنا عم نحكي عن اعتراف إقليمي بمخرج تخطّى الحدود، وقدّم عمل بيستحق كل تقدير. وهاد الترشيح هو رسالة لكل المخرجين إنو الابتكار ما بيعرف جنسية، والإبداع ما بيوقف عند حدود، والنجاح الحقيقي بيبلّش لما الفن يصير مرآة لواقع الناس، وحضن لأحلامهم، ورفيق لجروحهم.
"سدف" كان هويّة، وكان مراية، وكان صرخة… وكل صرخة وراها مخرج. محمد أنور مش بس مرشّح… محمد أنور بجدارة "مُتوّج"، لأنو حتى لو ما أخد الجائزة رسميًا، هو أخدها معنويًا بقلوب كل يلي حضروا "سدف"، وتأثروا، وبكوا، وانوجعوا، وشافوا حالن بمرايته. وهيدا لحالو كفيل يخلينا نقول: مبروك لمحمد أنور، مبروك للدراما، ومبروك لكل مخرج بيؤمن إنو الفن فعل شفاء، والفريم صلاة، والعدسة ضمير.