هيثم الخولي... متل النسمة الهادية، بيفوت عالقلوب بلا استئذان

بتاريخ :الثلاثاء 06 مايو 2025

الناشر :احمد حدوقه   عدد المشاهدات : 36 مشاهدات

 

متابعة الكاتب الصحفي والناقد الفني عمر ماهر 

في عالم بيضجّ بالضجيج، وبيصرخ بالصوت العالي تيجذب الانتباه، بيطلع فجأة وجه بملامح ساكنة، بنظرة فيها سحر مخبّى، وصوت واطي، بس بيهزّ فيك شي جواتك. هيدا هو هيثم الخولي. مش من النوع اللي بيستعرض، ومش من النوع اللي بيصرّخ. هو متل لوحة مرسومة بالسكينة، بتقعد قدّامها ساعات، وكلّ ما تطوّل، بتكتشف فيها شي جديد.
ما بتعرف كيف، بس بمجرد ما يطلّ، بتحسّ بشي بيشدّك. مش شكله، مع إنو شكله ملفت. مش نبرة صوته، مع إنو صوته بيدفّي. هو في شي أعمق، أصدق، بيشبه الحنين. حنين لزمن كانت فيه المشاعر مش ممسرحة، وكان الأداء ما بيتقاس بالصراخ، بل بالسكوت.

هيثم مش ممثل، هو حالة. بيخلقها بكل تفصيلة بيعملها. من حركة إيد، لنظرة، لنَفَس. بتقعد تتفرّج عليه وكأنّك ناسي العالم، وهو بيبني حوالك عالم تاني. عالم فيه الصدق نجم، وفيه الإحساس سيّد الموقف.
كتير ممثلين بيمرّقوا، بيبرقوا شوي، وبيروحوا. بس هيثم ما بيبرق، هو بيسكن. بيسكن الذاكرة، وبيركّب بيت صغير بقلبك، وبيقعد فيه. وما بيمشي.

ما بيصرخ مشاعره. بيهمسها. وما بيتمسرح. بيعيشها. فيك تقول إنو بيشتغل من جوّا لبرا، مش من برا لجوّا. بيتقمّص، بيتنقّى، وبيحترم كل لحظة. في حضور ما بينوصف، في هيبة ما بتتعلّم، في طاقة صامتة بتشدّك وبتخليك تحسّ إنك عم تحضر شي حقيقي، مش تمثيل.

وإذا بتفكر إنو هدوءه ضعف، بتكون غلطان. هدوءه قوّة. قوّة بتشدّك، قوّة بتربكك، قوّة بتسحرك. في ناس بتعمل ضجّة، وفي ناس بتخلق أثر. هيثم من التانيين. ما بيحكي كتير، بس بيوصل كتير.
بتتفرّج عليه، بتحسّ إنّو شايل وجع العالم بعينيه. نظرة بتقول حكايات، أكتر من ألف حكي. في شي جواتو مش مكشوف، متخبي ورا ابتسامة ساكنة، أو ورا تنهيدة ما خرجت للنور. ويمكن هيدا السر، إنك بتحسّ إنو حدا فهمانك، حدا مرق متلك، حدا موجوع بصمتك.

فيه أناقة غير مصطنعة، فيها دفى، فيها رجوليّة، فيها إحساس عالي، وفيها كاريزما صعب تنوصف. مش نجم موسمي، ولا موضة بتمرّ. هو نسيج لحالو، خطّ لحالو، مدرسة بتدرّس الأداء الصادق.

هيثم الخولي مش بس ممثل. هو شاهد على الجمال اللي بعدو ممكن يكون بسيط. هو برهان إنّو ما بدك تصرخ لتوصل، ولا تبالغ لتلفت، ولا تستعرض لتحقّق حضورك. حضوره ناعم، بس جارح. ساكن، بس صارخ. بسيط، بس مش عادي.
وإذا بعد في شي اسمو "فن أصيل"، فهيدا الرجل بيحملو عكتافه، وبيقدّمو للناس بكرامة، من دون فخر، من دون ادّعاء. بيشتغل بصمت، وبيترك وراه أثر مدوّي. وهاد الأثر، ما بيتنسى.

هيثم الخولي... مش حكاية بتنقال، هو إحساس بينعاش.
وكل مرّة بيطلّ، منرجع نكتشف إنو بعد في فن، وبعد في ممثلين، وبعد في ناس بتشتغل بقلبها، مش بس بوجها.
وبهيك زمن؟ هيثم هو الندرة... والندرة دايمًا إلها سحرها.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية