مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :محمد جلال عدد المشاهدات : 75 مشاهدات
مازلتُ أبحث في السماء عن النجوم المُستنيرة
كتب_ محمد جلال اللقاني
وكانت تنهدات هذا الليل متصاعده بالتوجع، مضمحله بالغصات والتموجات، ويكأن الخريف أقسى على الأشجار وألقىٰ بها ميته على كتفي الوادي، إن التآوه والنحيب لا يشفع مهما تمادىٰ وتعالى في شكواه هذا الخذلان، قسوة العالم على الصِغار تقتُل ألف مرة ومرة قبل مذاق الموت الأبدي، ولحن أصوات العصافير السحرية بقوتها العلوية قبل تلفظ أنفاسها الأخيرة تُلقىٰ بالنفس إلى الهاوية اللعينة، ومرارة الأشواك فوق رؤوس الشيوخ ذنبًا كبيرًا نعرفه يملأ أكبادِنا بالدماء، أما النساء الحوامل بالأزهار الجميلة التي تقترب من الخروج للمذبحة المروعة أشبه بالجحيم الذي سنكون ضحيته بعد الممات.
إن الدهر حتمًا سيحلُ علينا ضيفًا قاسيًا، سيحدق إلينا بعينيه المستديرة المخيفة ويقبض على عنقنا دون شفقة أو سماح بالتآوه والتموج ويذهب ضاحكًا مبتهجًا يبحث عن ضحية آخرى فيأخذها إلى الجحيم، مصائب كثيرة وآلام متكررة ومتعبه تأتيني كل يومٍ تُذكرني بهذا الوحش الكبير الوجه وواسع العينين، ثم يأتي الصبح مُتهللًا بعزيمته، وتغدُق عصافير الدُچى بصوتها الطاهر النقي تسكن فردوس محبتي وتحنو عليّ بصوتٍ جميل، لكنها تمضي سريعًا كالسحاب فأتمنى لو تأخذني معها بعيدًا عن هنا وعن تلك الأفكار المهينة.
بقيت ابحث في السماء عن النجوم المستنيرة، أشعة القمر الضئيلة تخترق عيني كأنها سهام دقي ألقتها ظلمة السماء على جسدي البارد، نغمة الاصطدام تمحورت وتحولت شعلة نارٍ على عينيّ، والنجوم السابحة بالفضاء صارت وحشًا جديدًا يُرِد أن يصاحبني للقبور، هل رحل الربيع بهذه السرعة، في تِلك الحياة العتمة حيث يختلط النسيم الحلو بأنفاس القبور، بين تلك المنازل يمارس كُل منا مصائبه مُستترًا برحمة الله، والشبيبة تجعلنا نقع في الهاوية دون أن ندرِك معنى صوابها، ذلك الارتقاء هو إدراك لأفكارٍ نصبو إليها في أنفسنا، وانقضاء العمر يمضي كسرعة الضوء، كسقوط الشهاب السابح في الفضاء فيخترق الجو ويموت محترقًا، كزهرة أبت أن تخرُج من مُتُكِها حتى لا تزبل وتموت بين أيدي البشر المُستهترة.