السوشيال ميديا ودورها في التحكم بالقرار العام_ جريدة الراي

بتاريخ :الثلاثاء 30 سبتمبر 2025

الناشر :محمد جلال   عدد المشاهدات : 495 مشاهدات

السوشيال ميديا ودورها في التحكم بالقرار العام 
متابعه / محمود القصير 

في عصر العولمة الرقمية، لم تعد وسائل التواصل الاجتماعي مجرد منصات للتسلية أو تبادل الصور والأخبار، بل تحولت إلى قوة مؤثرة تشكل الرأي العام وتساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في صياغة القرارات العامة. فمن خلال ملايين الحسابات النشطة على “فيسبوك” و”إكس” (تويتر سابقاً) و”إنستغرام” و”تيك توك”، أصبح المواطن العادي قادراً على إيصال صوته إلى صناع القرار والتأثير في مسار السياسات الداخلية والخارجية للدول.

أولاً: السوشيال ميديا كأداة لتشكيل الرأي العام

لقد قلبت مواقع التواصل موازين الإعلام التقليدي، فلم يعد المواطن يعتمد فقط على الصحف أو القنوات الفضائية للحصول على المعلومة. بل أصبحت السوشيال ميديا المصدر الأول للأخبار والتعليقات والتحليلات.
 • سرعة الانتشار: أي فيديو أو منشور يمكن أن يصل إلى ملايين الأشخاص خلال دقائق.
 • التفاعل المباشر: النقاشات والوسوم (الهاشتاغات) تخلق موجة ضغط جماهيري يصعب تجاهلها.
 • إعادة تعريف القوة الناعمة: لم تعد السلطة في يد الإعلام الرسمي وحده، بل بات “المؤثرون” الرقميون شركاء في توجيه الوعي الجماهيري.

ثانياً: تأثير السوشيال ميديا على صناع القرار

لا يخفى أن الحكومات اليوم تراقب المنصات الرقمية بشكل مستمر. فهي لم تعد فضاءً افتراضياً بعيداً عن الواقع، بل أصبحت بمثابة مؤشر لقياس المزاج الشعبي.
 • في بعض الحالات، أجبرت الحملات الإلكترونية المسؤولين على التراجع عن قرارات أو تعديل سياسات.
 • في الدول الديمقراطية، تستخدم الأحزاب السوشيال ميديا لقياس الرأي العام قبل الانتخابات وصياغة برامجها السياسية.
 • حتى في الأنظمة غير الديمقراطية، لا يمكن تجاهل الضغوط الرقمية، إذ قد تتحول إلى احتجاجات على أرض الواقع.

ثالثاً: المخاطر والتحديات

رغم المزايا، إلا أن السوشيال ميديا تحمل مخاطر حقيقية:
 1. الأخبار المضللة والشائعات: انتشارها بسرعة قد يؤدي إلى قرارات متسرعة أو غير مدروسة.
 2. التلاعب بالخوارزميات: الشركات الكبرى التي تملك المنصات تتحكم في ترتيب المحتوى، مما قد يؤثر على وعي المستخدمين بشكل غير مباشر.
 3. الاستقطاب الرقمي: المنصات قد تخلق “فقاعات فكرية” حيث لا يرى المستخدم إلا ما يتفق مع رأيه، مما يضعف الحوار المجتمعي المتوازن.

رابعاً: تجارب عالمية
 • الربيع العربي: أبرز مثال على دور السوشيال ميديا في تحريك الشارع وتغيير موازين القوى السياسية.
 • الانتخابات الأمريكية 2016 و2020: حيث وُجهت اتهامات إلى حملات منظمة باستخدام المنصات للتأثير على الناخبين عبر الأخبار الكاذبة والإعلانات الموجهة.
 • الحركات البيئية والنسوية: مثل حركة “Me Too” أو حملات التوعية المناخية، التي انطلقت من فضاء رقمي لتتحول إلى قرارات وتشريعات.

خامساً: المستقبل والتوازن المطلوب

السؤال الأهم: كيف نضمن أن تبقى السوشيال ميديا أداة للتنوير لا للتضليل؟
 • التشريعات الذكية: وضع قوانين توازن بين حرية التعبير وحماية المجتمع من المعلومات المضللة.
 • تعزيز الثقافة الرقمية: رفع وعي الأفراد بآليات التحقق من الأخبار ومصادرها.
 • شفافية المنصات: مطالبة الشركات الكبرى بالكشف عن كيفية عمل خوارزمياتها وتحديد ضوابط للإعلانات السياسية. 
في النهايه يمكن القول إن السوشيال ميديا اليوم لم تعد مجرد وسيلة ترفيه، بل أصبحت لاعباً رئيسياً في ساحة السياسة وصناعة القرار. فهي المرآة التي تعكس نبض الشارع، وأحياناً اليد الخفية التي توجه البوصلة نحو مسار معين. لكن بقدر قوتها، تحمل خطراً إذا لم يُحسن استخدامها. ومن هنا تبرز الحاجة إلى وعي جماهيري وتشريعات عادلة تضمن أن يكون دورها إيجابياً في خدمة الصالح العام، لا أداة للتلاعب أو التضليل.

اخبار أخري

جميع الحقوق محفوظة لجريدة الراي المصرية