مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة د / اميره بلال
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
الناشر :محمد جلال عدد المشاهدات : 289 مشاهدات
التوازن المصري في عالم متعدد الأقطاب
بقلم د/ احمد عبده
يشهد العالم اليوم تحوّلًا جذريًا في موازين القوى، مع تراجع هيمنة القطب الأمريكي وصعود قوى جديدة كالصين وروسيا والهند، ما يفتح الباب أمام نظام دولي متعدد الأقطاب. وفي خضم هذا التحوّل، تتحرك مصر بثقة لاستعادة موقعها المحوري كقوة إقليمية مؤثرة تجمع بين الشرق والغرب.
لقد كشفت الحرب الروسية الأوكرانية والأزمات الاقتصادية المتلاحقة عن هشاشة النظام الأحادي، وأبرزت أهمية الدول القادرة على إدارة توازنات معقدة دون انحياز. وهنا برزت الدبلوماسية المصرية كأحد أكثر النماذج استقرارًا في منطقة مضطربة. فمصر نجحت في الحفاظ على علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة، مع انفتاح واسع على الصين وروسيا، وعضوية فعالة في مجموعة “بريكس”، بما يعكس رؤية جديدة للانخراط الذكي في الاقتصاد العالمي.
في الشرق الأوسط، حيث تتقاطع المصالح الدولية والإقليمية، أثبتت القاهرة قدرتها على إدارة الملفات الشائكة بروح الوساطة والمسؤولية. من غزة إلى ليبيا والسودان، لعبت مصر دورًا يوازن بين الواقعية السياسية والمبادئ الثابتة، لتظل صوت العقل والتوازن في زمن الاستقطاب.
اليوم، ومع تزايد التحولات الدولية، تبدو مصر في موقع فريد يؤهلها لتكون جسرًا دبلوماسيًا واقتصاديًا يربط بين أقاليم العالم.
فهي تمتلك ما هو أبعد من الموقع الجغرافي: إرث دبلوماسي عريق، واستقلال في القرار، ورؤية تقوم على المصالح المشتركة لا الصدام.
إن العصر القادم لن يكون لمن يملك القوة فقط، بل لمن يتقن فن إدارتها، ومصر بثقلها وتاريخها قادرة على أن تكون رقمًا صعبًا في معادلة التوازن الدولي القادم.
ففي عالم متعدد الأقطاب، يبقى “التوازن المصري” عنوانًا لسياسة عقلانية تسعى إلى حماية المصالح الوطنية دون أن تفقد مكانتها كقوة تسهم في صناعة الاستقرار الإقليمي والعالمي.