مسجله بالمجلس برقم 0191160
رئيس مجلس الادارة / وائل عبداللاه الضبع
نائب رئيس مجلس الإدارة / رحاب على
رئيس تحرير تنفيذى/ منى الطراوى
بقلم / عبدالله الشافعى
انتشرت فى السنوات الأخيره ، من يتكلم من عامة الناس فى الحلال والحرام ، ويستند بأدلة ليست فى مواضيعها على فهم خاطىء ، ويتكلم برأيه فى كثير من القضايا التى لا يعرف خطورتها ، فيضل نفسه ويضل غيره بما يتكلم به ، فينتشر بين الناس الجهل والتطرف لمثل هذه الفتاوى التى نبعت من غير علم ، والسؤال الأن من هو المفتى؟ .
المفتى لقب للعالم المسلم الذى يصدر فتاوى فى أمور الدين ، وهو عالم بالمسألة التى يفتى فيها ، تأسيسا لا تقليدا ، مع ملكة فى النظر ، وقدرة على الترجيح والنظر المستقل فى اجتهاد من سبقوه ، لا مجرد نقل وحكاية الأقوال.
وإذا نظرنا إلى صحابة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمر الفتوى ، لوجدناهم يهربون منها ، ولا يعرضون أنفسهم إليها ، بالرغم أنهم تعلموا مباشرة من سيدنا رسول الله ، ولكنهم يخافون خطرها ، فقد روى عن عبدالرحمن بن أبى يعلى قال "أدركت مائة وعشرين من الأنصار من أصحاب سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يسأل أحدهم عن المسألة فيردها هذا إلى هذا ، وهذا إلى هذا ، حتى ترجع إلى الأول" ، وعن عقبة بن مسلم قال : "صحبت ابن عمر رضى الله عنهما أربعة وثلاثين شهرا ، فكثيرا ما كان يسأل فيقول لا أدرى ، ثم يلتفت إلى فيقول :تدرى ما يريد هؤلاء ؟ يريدون أن يجعلوا ظهورنا جسرا إلى جهنم" ، فالغريب أن الصحابة رضوان الله عليهم يهربون من الفتوى ومن يتعرضون لها ويتجرأ ون عليها من هؤلاء الشرذمة الذين لا يعرفون خطورة ما يفعلون ، فهؤلاء قال عنهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد ، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء ، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".
ويشترط فيمن يتحدث بالفتوى أمورا ، منها : أن يكون مكلفا ، مسلما ، وثقة مأمونا ، متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المروءة ، فقيه النفس ، سليم الذهن ، رصين الفكر ، صحيح التصرف والاستنباط ، متيقظا ، ويجب أن يكون مجتهدا بالمفهوم الإسلامى ومعنى الإجتهاد أن يكون عالم قادر على التحليل المنطقى العميق بشكل يؤهله لاستنباط أحكام فى امور معقدة لنصوص القرآن ودروس السنة النبوية ، وأن يفهم معانى وتفاسير وأسباب نزول مالا يقل عن خمسمائة آية قرآنية متعلقة بمسائل قانونية ، أن يكون على دراية عالية بعلم الحديث ، واللغة العربية ، وأن يكون عنده من الخبره فى القانون الإسلامى ، وأن يكون على معرفة كاملة عن جميع الفتاوى السابقة بغض النظر عن جهة المصدرة للفتوى ، وقال أحد العلماء "المفتى يلزمه ما يزيد عن مائة وخمسين علما ليفتى ولعله يصيب" ، وتجد من يتجرأ على الفتوى فى هذه الأيام لا يحفظ جزءا كاملا من القرآن ، وليس عنده دراية بأى شرط من هذه الشروط ، والله تعالى يقول "واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون" .